للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

o الحث على العمل:

أكدت الكتب الإلهية وعلى رأسها القرآن (١) -بما تضمنته من الأوامر والنواهي-، أنها إنما نزلت ليُعمل بها، وليس لمجرد التلاوة فقط - مع أن تلاوته عبادة-، ولا لحفظه فقط - مع أننا أمرنا بحفظه-، ولكن للعمل به وعدم الاحتكام لغيره، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} ص: ٢٩، فالعمل بالقرآن: هو تصديق أخباره، واتباع أحكامه، بفعل جميع ما أمر الله به، وتركِ جميعَ ما نهى الله عنه؛ ولهذا سار السلف الصالح على ذلك -رضي الله عنهم-، فكانوا يتعلمون القرآن، ويصدقون بأخباره، وبه، وبجميع ما جاء فيه، ويطبقون أحكامه تطبيقًا عن عقيدة راسخةٍ، وهذا هو الذي عليه مدار السعادة والشقاوة، قال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)} طه: ١٢٣ - ١٢٦.

o بناء منهج حياةٍ متكاملٍ:

إن في كُتب الله - عز وجل - وخاصة القرآن الكريم منهجَ حياةٍ متكاملاً يهدي للتي هي أقومُ، ولا سعادةَ للبشريةِ إلا به، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠)} الإسراء: ٩ - ١٠، فيهدي للتي هي أقوم بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض، ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه، وبين مشاعره وسلوكه، وبين عقيدته وعمله، ويهدي للتي هي أقوم في الأمر بالعبادة الموازنة بين التكاليف والطاقة، فلا تشق التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء، ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار، ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال.


(١) وردت في القرآن الكريم (٣٦٠) آية تحدثت عن العمل، ووردت (١٩٠) آية عن (الفعل)، وهي تتضمن أحكاماً شاملة للعمل، وتقدير ومسؤولية العامل وعقوبته ومثوبته. ينظر: أهمية العمل في الإسلام، لباقر شريف القرشي (ص ١٥٤).

<<  <   >  >>