للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأسباب انحراف الفرق في توحيد الأسماء والصفات، ترجع إلى سببين رئيسين هما:

١ - خوضهم في تصور كيفية اتصاف الرب بهذه الصفات، مما أوقعهم في التشبيه العقلي بين الخالق والمخلوق، ومن ثم الخوض بالمبالغة في التنزيه أو الإثبات، مما أدى بهم إلى التمثيل والتعطيل.

٢ - الخلل في طريقة الاستدلال، وذلك باعتمادهم على مقدمات وأقيسة عقلية، جعلوها مصدر هداية، وأصلاً يُصار إليه عند الاختلاف، وادَّعوا أن النصوص التي جاءت بها الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في إثبات الصفات تبعٌ لها (١)؛ لذا فقد صيروا هذه الأصول عمدة لهم في توحيد الله تعالى، فنتج عن التزامهم بها، إنكار صفات الله - عز وجل -، بل تشبيهه - عز وجل - بالمعدومات التي تحيلها العقول في التصور الذهني؛ لأن مدار الإثبات والنفي عندهم على ما يزعمونه من العقليات (٢) لا على النقل.

وهؤلاء المبتدعة إنما توهموا هذه اللوازم لما فسدت ألسنتهم وعقولهم، ومن أجل هذا فقد، انقسم الناس إلى طرفين متقابلين، طرف انتهج الغلو والإفراط والزيادة! ! وطرف سلك طريق التقصير والتفريط والنقصان! ؛ لإعراضهم عن هدي المرسلين واتباعهم غير سبيل المؤمنين. وبيان ذلك في المطلبين الآتيين.


(١) فما سوغت عقولهم اتصاف الله به من الصفات أثبتوه، مدعين أن هذه الصفة من صفات الكمال، فيجب إثباتها لله تعالى، غاضين النظر عن ثبوتها في الشرع أو عدمه. وما لم تسوّغه عقولهم نفوه، زاعمين أن تلك الصفة من صفات النقص، فيجب نفيها عن الله - عز وجل -، ولو كانت ثابتة بنص القرآن الكريم.
ينظر: الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات (١/ ١٢٨) وما بعدها.
(٢) العقليات الصريحة لا تعارض النقل الصحيح بحال، المراد هنا العقليات الفاسدة.

<<  <   >  >>