للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولرسوله بعدم إكمال الشريعة (١)، وبهذا يتبين أن البدع من أهم ما يبعد الإنسان عن تحقيق توحيد الألوهية، بل قد تأتي على أصوله فتهدمها بالكلية (٢).

- الطريق الثاني: تعظيم غير الله فيما لم يأذن به الله (شرك الطاعة):

إن عقيدة أهل السنة والجماعة قائمة على تعظيم الله تعالى، وإثبات الكمال له، وتنزيهه عن النقائص والعيوب، وعلى وجوب إفراده بالعبادة والتألُّه.

وبصرف هذا القدر لغير الله، تظهر لنا الانحرافات المؤدية إلى الغلو والإفراط في توحيد الألوهية؛ فالتعظيم للشيء أو عدم تعظيمه من الأمور التعبدية التي لا تخضع لهوى النفوس وأمزجتها، فلا يجوز تعظيم إلا ما أمر الله بتعظيمه، والتعظيم كله لا يكون إلا لله - عز وجل - وتعظيم أنبيائه إلى الحد الواجب لهم أمر مشروع.

وأي تعَظيم لغير الله إلى حد الغلو فإنه يفضي إلى الانحراف في توحيد الألوهية ولا بد، فإن مبدأ الشرك (٣) إنما وقع بسبب تعظيم غير الله والغلو فيه الذي أدى في النهاية إلى الوقوع في الشرك؛ كما كان شرك قوم نوح حيث عظم أولئك الصالحين من قومهم فصوروا صوراً لهم أدى ذلك بهم إلى عبادتهم (٤).

وبناء على ذلك فإن التعظيم ينقسم إلى قسمين:

١ - تعظيم أذن الله به وأمر به، وهو ما كان في حدود المشروع.


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٣/ ٣٤٨)، (٤/ ٤٢٥)، (١٢/ ٤٨٥ - ٤٨٧).
(٢) لأن من ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو بفعله فقد اتخذ شريكاً لله شرَّع من الدين ما لم يأذن به الله.
ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٥٧٨ - ٥٧٩).
(٣) هناك تلازم بين شرك الطاعة وشرك العبادة، فمن أوجب ما أوجبه متبوعه، وحرم ما حرمه متبوعه، وأحل ما أحله متبوعه، مما يخالف دين الله وشرعه، فقد اتخذه نداً وشريكاً في الطاعة والعبادة والتأله، أياً كان متبوعه، سواء أكان عادات قومه أم هواه، أم شهوته، أم شيخه أم أميره أم رئيسه أم غير ذلك، وسواءاً كانت طاعته لهم ناتجة عن تقليد أم محبة أم شهوة أم غيرها.
ينظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٦٧ - ٧٢) (١٠/ ٥٩٢) (٢٢/ ٢٥٢ - ٢٥٣)، ودرء التعارض (١/ ٢٧٢ - ٢٧٣)، وتيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد (ص ٥٥١).
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى (٢٨/ ٦٠٦).

<<  <   >  >>