للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - تعظيم لم يأذن الله به، وهو ما جاوز المشروع وهو المسمى بالتقديس (١).

والخلاصة أن الطاعة الكاملة التي يرافقها الاستسلام والإذعان والخضوع دون نظر وطلب الدليل إنما تكون لله - عز وجل - إذ هو الخالق الذي بيده الأمر والنهي المطلق، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - الذي اختاره الله لتبليغ دينه، وبيان شرعه .. لذا فإن من أطاع غير الله في كل شيء دون طلب للدليل الشرعي الموجب للفعل أو الترك فهو مشابه لحال النصارى في اتخاذهم أحباراً وأرباباً من دون الله، حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحله الله، فكانت تلك عبادتهم (٢)، وعليه فلا تقديس إلا لله وحده، وبذا لا يكون صالحاً لسواه، ولا يوصف به أحد إلا إياه.

والناظر لأهل البدع يجد أنهم واقعون في هذا الملحظ الخطر، فنجد أنهم عظموا غير الله فيما لم يأذن به الله، فغلوا في النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي الملائكة والأنبياء والصالحين، وغلوا في مرتبة الولاية، وغير ذلك، واعتقدوا فيهم اعتقادات فيها الكثير من الغلو والتجاوز، فلما اعتقدوا ذلك كان من الطبيعي انحرافهم في توحيد الألوهية {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٣٦)} الزمر: ٣٦.


(١) التقديس: هو غاية التعظيم وكماله وتمامه وأعلاه، والتقديس لله: تنزيهه وتعظيمه وتمجيده. والمراد بتقديس الشخص: رفعه فوق منزلته التي أنزله الله إياها، معتقداً أن له من القداسة الذاتية، أو المكتسبة، ما يستوجب الخضوع له والإذعان لأوامره دون عرضها على ميزان الكتاب والسنة، مع التوجه له حياً أو ميتاً، بأنواع العبادات التي لا يجوز التوجه بها إلا لله.
ينظر: المفردات للراغب الأصفهاني (ص ٣٩٦)، ولسان العرب مادة (قدس) (٦/ ١٦٨)، تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي عرض وتحليل على ضوء الكتاب والسنة، لمحمد على لوح (ص ٤٥).
(٢) ينظر: جهود شيخ الإسلام للغنيمان (٢/ ٨٨٢ - ٨٨٣).

<<  <   >  >>