للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن كانت شروراً من وجه فهي خيرات من وجوه عديدة ... فالخير والشر من جنس اللذة والألم والنفع والضرر وذلك في المقضي المقدر لا في نفس صفة الرب وفعله القائم به، فإن قطع يد السارق شر مؤلم ضار له، وأما قضاء الرب ذلك وتقديره عليه فعدل وخير وحكمة ومصلحة" (١).

- رابعا: أثر اجتماع الرد على البدع المتقابلة في موطن واحد.

في باب الخَلْق والأمر، يؤمن أهل السنة والجماعة بأن الله تعالى على كل شيء قدير، فيقدر أن يهدي العباد ويقلّب قلوبهم، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه خالق الأعيان والصفات والحركات.

ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل، وأنه مختار فيما يعمله، ولا يقولون: إنه مجبور؛ لأن المجبور هو من أُكره على خلاف اختياره، والله سبحانه جعل العبد مختارا لما يفعله، فهو مختار مريد، والله خالقه وخالق اختياره.

وبذلك يكون أهل السنة والجماعة وسطاً بين القدرية، الذين يكذبون بقدرة الله، ولا يؤمنون بقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة وخلقه لكل شيء؛ وبين الجبرية المفسدين لدين الله الذين يجعلون العبد بلا مشيئة ولا قدرة ولا عمل، فيعطلون الأمر والنهي، والثواب والعقاب، فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} الأنعام: ١٤٨.

الآية الثانية:

قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٣٢)} الأنعام: ١٣٢، هذه الآية تردُ على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:

- أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط.


(١) شفاء العليل (ص ٤٤٣).

<<  <   >  >>