للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المفسرة: فنحو قوله سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢)} الملك: ٢، وغيرها من الآيات (١) التي تصرح بأن حكمة خلق الله - عز وجل - للخلق هي ابتلاؤهم أيهم أحسن عملاً، وهذا يفسر قوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٢).

وأما الشاهدة: فنحو قوله سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)} المؤمنون: ١١٥، فهذا إنكار من الرب سبحانه على أن يحسب الإنسان أنه يترك سدى بلا أمر ولا نهي يبتليهم به، وهذا الإنكار من الرب شاهد لمعنى قوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.

وذِكر الجن والإنس وهما المذكوران دون سواهما، يدل على عبودية مرادة منهما خاصة دون سواهما وهي عبودية الطاعة والامتثال للأمر الشرعي والابتلاء فيها (٣).

كما أن فيها رداً على الملاحدة الذين نفوا الحكمة من وجود الإنسان التي هي عبادة الله كما بينت ذلك الآية الكريمة.

- ثانياً: بيان وجه رد الآية على بدعة الإفراط.

كما أن فيها رداً على غلاة التشريع الذين استحسنوا الزيادة على ما شرع الله، فرد عليهم بقوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} للتعليل، وهذا التعليل لبيان أن جماع الدين " أصلان" ألا نعبد إلا الله، ولا نعبده إلا بما شرع لا نعبده بالبدع، فالحلال ما حلله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه (٤)، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٧)} الحشر: ٧.


(١) ينظر: سورة الإنسان آية (٢)، والكهف آية (٧)، وهود آية (٧)، والتوبة آية (٣١)، والبينة آية (٥)، وغير ذلك.
(٢) ينظر: أضواء البيان (٧/ ٦٧٣).
(٣) ينظر: دراسة لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)}، (ص ٢٥)، أ. د. محمد عبد الرحمن أبو سيف الجهني (ص ٢)، مجلة البحوث الإسلامية عدد (٩١).
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٣٤).

<<  <   >  >>