للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

*النوع الثاني: من أنكر وجود الله مع إثبات إله غيره، وهم على طريقتين أيضاً:

أصحاب الطريقة الأولى: عباد العالم العلوي: وهم من يعتقد بأن إلههم المزعوم في السماء، مثل: مشركي قوم إبراهيم الصابئة -عباد الكواكب- (١)، والفلاسفة الدهرية كابن سينا وأمثالهم، والمجوس "الأصلية" القائلين بالأصلين: النور والظلمة، والثنوية -أصحاب الاثنين الأزلييّن-: يزعمون أن النور والظلمة أزليان قديمان، بخلاف المجوس الذين قالوا بحدوث الظلام، والمانوية -أصحاب ماني بن فاتك- القائلين: بأن العَالَمَ مصنوع من أصلين قديمين، والنصيرية: لقولهم بألوهية علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبأنه المتصرف بالكون، وزعمهم بأنه حل في الشمس أو القمر أو السحاب، ووصفهم إياه بأوصاف لا يجوز أن يوصف بها أحد إلا الله - عز وجل - مع اختلاف أقوالهم في هذا.

أصحاب الطريقة الثانية: عباد العالم السفلي: الذين يعتقدون أن الإله في الأرض، مثل: الدروز المألهون للحاكم بأمر الله العبيدي، والشيوعية والاشتراكية والقومية وغيرها من الاتجاهات الهدامة التي تجددت، والباطنية لتأليههم لبعض الأشخاص، فالنصيرية مثلاً يؤلهون علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، والدروز يؤلهون الحاكم بأمره، والرافضة الإمامية تعتقد في أئمتها شيئاً من ذلك (٢)، كذلك بعض المتصوفة يعتقدون في أوليائهم تصريف الكون وشئون الخلق، بل يزعم بعضهم أن من كرامات أوليائهم أنهم يحيون الموتى (٣)، كذلك الملاحدة: فهم يؤمنون (٤) بإله الصدفة ومحبوبات النفس (٥).

ولا يعتقد هذا الاعتقاد -أي: إنكار الرب - سبحانه وتعالى - إلا من بلغ الغاية في الكفر والضلال، للمناقضة الصريحة بين ذلك وبين نصوص الوحي بل والفطرة السليمة والعقل الصريح؛ بل


(١) ينظر: تيسير العزيز الحميد (٤٣ - ٤٤).
(٢) ينسبون إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من رواية جعفر بن محمد قوله: " انتقل النور إلى غرائزنا ولمع في أئمتنا، فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض، فبنا النجاة ومنا مكنون العلم، وإلينا مصير الأمور، وبمهدينا تنقطع الحجج ... " ينظر: مروج الذهب للمسعودي (١/ ٣٣).
(٣) ينظر: نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف (٢/ ١٠٥ - ١٠٦).
(٤) هذا معنى عارض وإلا فلا يؤمنون بشئ.
(٥) قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " الاستقراء يدل على أنه كلما كان الرجل أعظم استكباراً عن عبادة الله كان أعظم إشراكاً بالله؛ لأنه كلما استكبر عن عبادة الله ازداد فقره وحاجته إلى المراد المحبوب الذي هو المقصود مقصود القلب بالقصد الأول، فيكون مشركاً بما استعبده من ذلك" العبودية (ص ١٤٠).

<<  <   >  >>