للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغير ذلك من مناظرات السلف لأهل البدع، فظهر بهذه ما يؤكد عناية السلف -رحمهم الله- تعالى بالرد على أهل الباطل (١).

خامساً: التحذير من دعاة البدعة والتنفير منهم:

من الأصول المقررة عند أهل السنة التي جرى عليها عمل الحكام، والأمراء، والقضاة والعلماء من أهل السنّة، عقوبة المبتدع إن كان داعية لبدعته أو معلناً لها؛ ذلك لأن العقوبة من باب إنكار المنكر، والإنكار لا يكون إلا على من أظهر المنكر بخلاف المستتر فإنه لا ينكر عليه (٢).

قال شيخ الإسلام - رحمه الله - مبيناً أن التحذير من أهل البدع من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: " والداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق المسلمين، وعقوبته تكون تارة بالقتل، وتارة بما دونه كما قتل السلف جهم بن صفوان (٣) والجعد بن درهم (٤) وغيلان القدري (٥) وغيرهم، ولو قدر أنه لا يستحق

العقوبة أو لا يمكن عقوبته فلا بد من بيان بدعته والتحذير منها، فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به ورسوله" (٦).


(١) ينظر: موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع للرحيلي (٢/ ٥٨٧ - ٥٩٢).
(٢) ينظر: موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع (٢/ ٦١٣).
(٣) الجهم بن صفوان أبو محرز الراسبي من موالي بني راسب من أهل خرسان، ينسب إلى سمرقند وترمذ، وهو رأس فرقة الجهمية، وإليه تنسب، وكان صاحب مجادلات ومخاصمات. قال الذهبي عنه: " الضال المبتدع، رأس الجهمية، من أشهر بدعه نفي الصفات، وقوله بإرجاء (الإيمان هو المعرفة فقط)، وبالجبر، وبفناء الجنة والنار؛ هلك في ١٨٨ هـ".
ينظر ترجمته في: السير (٦/ ٢٦ - ٢٧)، ميزان الاعتدال (١/ ٤٢٦)، لسان الميزان (٢/ ١٤٢)، تاريخ الإسلام للذهبي (ص ١٢١ - ١٤٩).
(٤) هو: الجعد بن درهم، من الموالي، عداده في التابعين، مبتدع ضال، أول من أنكر الصفات وأظهر مقالة التعطيل، قتل بالعراق بسبب ذلك، يوم النحر، قتله خالد بن عبد الله القسري بأمر من هشام بن عبد الملك في العراق يوم النحر، وهو شيخ جهم بن صفوان الذي تنسب إليه الطائفة الجهمية واختلف في سنة وفاته، قال د. عبد الرحمن التركي: ولعلها في (١٠٦ - ١١٠ هـ) لأن القسري استفتى الحسن البصري في قتله والبصري توفي سنة (١١٠ هـ).
ينظر: الكامل في التاريخ (٥/ ١٦٠)، سير أعلام النبلاء (٥/ ٤٣٣)، ميزان الاعتدال (١/ ٣٩٩)، البداية والنهاية (١٠/ ١٩)، الأعلام (٢/ ١٢٠).
(٥) هو: غيلان بن مسلم - وقيل يونس، وقيل مروان- الدمشقي، أبو مروان، ثاني من تكلم بالقدر ودعا إليه، لم يسبقه سوى معبد، أفتى الأوزاعي بقتله، فصلب بدمشق في عهد هشام بن عبد الملك بعد سنة (١٠٥ هـ).
ينظر: لسان الميزان (٤/ ٤٢٤)، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة للبلخي والقاضي عبد الجبار (ص ٢٢٩)، الفهرست لابن النديم (ص ١٧١).
(٦) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٤١٤).

<<  <   >  >>