للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يناظرون أهل البدع في كثير من المسائل المتعلقة بأصول الدين (١)؛ فقد اجتهدوا في دفعها وبيان خطئها.

قال الشافعي (٢) - رحمه الله -: "قال كثير من أئمة السلف ناظروا القدرية بالعلم (٣) فإن أقروا به خصموا، وإن جحدوا فقد كفروا" (٤)؛ وقد نبه شيخ الإسلام - رحمه الله - على أنه إذا ظهرت البدعة في محل، كان علماء السنة فيه هم الذين يتصدرون لردها وإبطالها (٥).

ومناظرتهم لأهل البدع أشهر من أن تذكر، وأكتفي بالإشارة إلى بعضها فمنها: مناظرة علي وابن عباس -رضي الله عنهما- للخوارج، على ما هو مبسوط في كتب السنة والفرق. ومناظرة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - لغيلان الدمشقي القدري حتى انقطع، وأعلن التوبة، إلا أنه عاد بعد موت عمر، روى ذلك اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة. وناظر عمر أيضا الخوارج على ما نقل ذلك ابن عبد البر. وناظر الأوزاعي قدريا طلب المناظرة، فحجه وقد روى ذلك اللالكائي. وكذا الإمام الشافعي ناظر حفص الفرد فغلبه نقل ذلك أبو نعيم في الحلية. ومناظرات الإمام أحمد للجهمية بمحضر الخليفة مشهورة، ذكر بعضها الإمام نفسه في كتاب الرد على الزنادقة والجهمية


(١) ينظر: موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع (٢/ ٥٩٥، ٦٠٧، ٧٢٠).
(٢) هو الإمام العلم أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان الشافعي القرشي المطلبي كان حافظاً للحديث بصيراً بعلله، عالماً بالفقه وأصوله، ذا معرفة بكلام العرب، واللغة والعربية والشعر، وكان أول من تكلم في أصول الفقه، توفي بمصر سنة (٢٠٤ هـ)، وله عدة مصنفات منها: الأم في الفقه، والرسالة، واختلاف الحديث.
ينظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (٢/ ٥٤)، وفيات الأعيان لابن خلكان (٤/ ٢١)، تذكرة الحفاظ للذهبي (١/ ٣٦١)، شذرات الذهب (٢/ ٩).
(٣) أي: بصفة العلم التي اتصف الله تعالى بها.
(٤) شرح الطحاوية (ص ٣٥٤).
(٥) ينظر: الإيمان (ص ٢٩٥)، والفتاوى (٧/ ٣٥١) (٨/ ٢٢٩) (١٣/ ١٨٢ - ١٨٣) (١٤/ ٣٥١)، وفي هذا إيقاظ مهم لأهل العلم ودعاة الحق فيما يركزون عليه في دعوتهم، ووجوب النظر إلى ما يحتاجه أهل زمانهم، والله المستعان.

<<  <   >  >>