للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - الإيمان بالقدر يحقق السعادة الدائمة والاطمئنان الكامل على الحاضر والمستقبل]

إن العبد المؤمن بالقدر خيره وشره يأخذ بالأسباب، ويدع تحقيق الآمال لربه تعالى، فإن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، ولا شك أنه يرضى بقسمة الله تعالى، ويقنع بما أعطاه، بل يفرح، وكل من الشكر والرضا والقناعة والفرح من أثر الإيمان بالقدر وفيها سعادة وطمأنينة، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، فلا يسيطر عليه الفزع، ولا يستبد به الجزع والهلع، مصداقاً لقوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١)} التغابن: ١١؛ لأنه يعلم أن كل شيء بقدر، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه، فيكون بعيداً عن الحيرة والتردد، محجباً عن حياة القلق والاضطراب.

وذلك يحميه أيضاً من كثير من الأمراض النفسية والصراعات العصبية التي أصبحت سمة من سمات هذا العصر الذي نعيش فيه، فالذين لا يؤمنون بالقدر ربما يؤدي بهم الجزع إلى أن يكفروا بالله، وبعضهم يجن، وبعضهم يصبح موسوساً، وبعضهم يلجأ إلى المخدرات، وبعضهم يقتل نفسه (١).

ومن هنا فإن الإيمان بالقدر يورث السعادة الكاملة والاطمئنان على الحاضر والمستقبل؛

كما يوجب صدق الاعتماد عليه - عز وجل -.

[٣ - الإيمان بالقدر يورث القوة والحزم]

الإيمان بالقدر يورث القوة في مواطن اليأس والخطر، والإقدام والشجاعة والبسالة عند ملاقاة الأعداء في الحروب؛ لأن المؤمن بالقدر يعلم أنه لن يموت قبل أجله المقدر له، فلا العيش في النعيم والنوم على الأسرة الموطئة بفرش الحرير تزيد في الأعمار، ولا


(١) يكثر الانتحار في البلاد التي لا يؤمن أهلها بالقدر كأمريكا والسويد والنرويج، بل إن الأمر وصل ببلاد كالسويد إلى أن يفتحوا مستشفى للانتحار، والعجيب في الأمر أن غالبية المنتحرين ليسوا من الفقراء، بل هم من الطبقة الغنية، بل يقع الانتحار من الأطباء النفسيين الذين يظن بهم أنهم يجلبون السعادة للناس.
ينظر: (الانتحار) في ar.wikipedia.org

<<  <   >  >>