للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل البدع المتقابلة-لا يخرج عن اتباعه للهوى (١) أو الاعتماد على الظن (٢) الذي لا يغني من الحق شيئاً (٣).

- ثالثاً: طرق الاستدلال المنحرفة (اتباع الظن):

إن الطريق الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة تلقي الدين أصولاً وفروعاً من الكتاب والسنة والإجماع المبني عليهما، أما أهل البدع المتقابلة فهم بخلاف ذلك، فإنهم من حيث المصدر لا يرتضون بالكتاب والسنة، وكل منهم له في ذلك طرائق -جعلوها طريقهم لعبادة الله-، فمنهم من يعول على الأوهام والفلسفة ويسميها العقليات كالفرق الكلامية، ومنهم من يعتمد على الأحلام والرؤى والكشف والذوق كالصوفية، ومنهم من يعتمد على الرجال ويزعم لهم القداسة وعلم الغيب كالرافضة والصوفية، ومنهم من يتلقى من مصادر شتى من أهل الكتاب والمجوس والفلاسفة وغيرهم كالباطنية وكثير من فرق أهل الكلام والصوفية والرافضة (٤)؛ لذلك عطلوا الأوامر والنواهي، وكذبوا على الله إجماعاً (٥) وانحرفوا في توحيد الألوهية، ولم يميزوا بين ما يحبه الله ويرضاه وبين ما يبغضه ويسخطه، فعبدوه بما لم يشرع وعظموا ما لم يعظمه.


(١) قال الشاطبي: " والمبتدع قدم هوى نفسه على هدى ربه؛ فكان أضل الناس، وهو يظن أنه على هدى". الاعتصام (١/ ٦٦)، وينظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٥٦٨، ٥٩٢)، ومنهاج السنة (٥/ ٣٣١ - ٣٣٢).
(٢) قال الإمام الشافعي - رحمه الله - حيث قال: " اتباع الهوى من حيث يظن أنه اتباع للشرع ضلال في الشرع، ولذلك سميت البدع ضلالات وجاء أن كل بدعة ضلالة؛ لأن صاحبها مخطئ من حيث توهم أنه مصيب، ودخول الأهواء في الأعمال خفي، فأقوال أهل الأهواء غير معتد بها في الخلاف المقرر بالشرع". ينظر: الموافقات (٤/ ٢٢٣).
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٥٩٢)، والهوى وأثره في الخلاف، محاضرة للشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان (١٢ - ١٣).
(٤) ينظر: موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة، لسليمان الغصن (١/ ٢٨)، وتناقض أهل الأهواء والبدع في العقيدة لعفاف مختار (١/ ٧٢).
(٥) قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله: من "تعبد بما لا دليل على أنه عبادة فقد كذب على الله إجماعاً"؛ لأن البدعة تدين بما لم يشرعه الله؛ فهي قول عليه بغير علم، وكذب عليه سبحانه، ولو لم يكن في البدعة إلا هذا المزلق المُردي لكفى به زاجراً عنها.
ينظر: العبادة للمعلمي (ص ٦٠٧).

<<  <   >  >>