للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمور التي يخاف منها وتحذر، كأحوال القبر وشدته، وأحوال الموقف الهائلة، وصفات النار المفظعة، وبمعرفة تفاصيل الجنة وما فيها من النعيم المقيم، والحبرة والسرور، ونعيم القلب والروح والبدع، فيحدث بسبب ذلك الاشتياق الداعي للاجتهاد في السعي للمحبوب المطلوب، بكل ما يقدر عليه.

ومنها: أن يعرف بذلك، فضل الله وعدله في المجازاة على الأعمال الصالحة والسيئة، الموجب لكمال حمده، والثناء عليه بما هو أهله

وعلى قدر علم العبد بتفاصيل الثواب والعقاب، يعرف بذلك فضل الله وعدله وحكمته" (١).

o ثانياً: ضبط السلوك بالتوجه إلى الخير والعصمة من الشر:

لما كانت الطبيعة البشرية فيها الاستعداد للخير والشر: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)} الشمس: ٧ - ٨، فقد يطغى أحد الجانبين على الآخر، وقد يكون الغالب هو جانب الشر، بدافع الشهوات والغفلة، والتي غالباً ما تجمح بصاحبها إلى تجاوز الحدود والتعدي على الآخرين.

وواقع الحال يبين لنا كثيراً أن ممن ارتكب جرائم التعدي في حق غيره وأوقع الظلم بهم، قد غادر الحياة مع المظلوم، قبل أن يأخذ هذا الأخير حقه منه: ولما كانت عدالة الله تعالى تقتضي القصاص وأن يأخذ المظلوم حقه من الظالم، كان لا بد من حياة أخرى غير هذه الحياة يقع فيها القصاص وهو {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣)} المعارج: ٤٣، قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)} المؤمنون: ١١٥، وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦)} القيامة: ٣٦ (٢).

لذا فإن للإيمان باليوم الآخر أثراً بالغاً في انضباط سلوك الإنسان، وتوجيهه إلى الخير، والتزامه بالعمل الصالح، وتقوى الله - عز وجل -، وشتان ما بين اثنين:


(١) تسير الكريم الرحمن، للسعدي (١/ ٢٩).
(٢) ينظر: منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة (ص ٨٠٣).

<<  <   >  >>