للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويفسرون هذه المحبة بأفعالهم الشركية إما بالاستغاثة أو التوسل غير المشروع (١)، زاعمين أن هذه التصرفات تدل على محبته وتكريمه، وفي المقابل لا يرون سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كفراً، بل يعتقدون أنه لا يضر مع التصديق شيء (٢).

- رابعاً: تعظيم غير الأنبياء والمرسلين:

وفي معنى الجفاء الذي يقطع الصلة المتولدة في القلب من المحبة والتعظيم لرسل الله، ما جعله الأتباع لمشايخهم وأئمتهم من الفضائل والمناقب ما لم يكن للأنبياء والمرسلين ولا لسيد البشر - صلى الله عليه وسلم -، فهذا من الجفاء إذ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاق في فضله جميع الأنبياء والمرسلين بل هو سيدهم وإمامهم فلا شك أن تقديم غيره عليه - صلى الله عليه وسلم - في الفضائل من أعظم الجفاء؛ لأن بذلك التعظيم للغير تنشأ المحبة التي تفوق محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي لا يبقى منها إلا الادعاءات التي يُعبرون عنها بالمولد والاحتفالات، ويدخل في الجفاء أيضاً ترك التأسي به - صلى الله عليه وسلم - في هديه والتأسي بغيره، والجفاء في كل ذلك تختلف درجته، فمنه ما يكون كفراً والعياذ بالله ومنه ما هو دون ذلك، وأكثر من يتصف بالجفاء هم الفلاسفة المنتسبون إلى الإسلام ومدعو النبوة عموماً والصوفية (٣)، وبالجملة فقد أصاب النبوة مثل ما أصاب الربوبية في العصر الحديث، فالنبوة في هذا العصر لا تزيد على مرتبة العبقرية (٤)، لذا ظهر التعظيم لغير الأنبياء.


(١) ينظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية (ص ١٧٢ - ١٧٣)، الصواعق الشهابية على الشبه الداحضة الشامية، لسليمان بن سحمان (ص ٧٤)، وتحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، للألباني.
(٢) ينظر: تناقض أهل الأهواء والبدع (١/ ٣٤٨ - ٣٤٩).
(٣) خصائص المصطفى بين الغلو الجفاء، للصادق بن محمد بن إبراهيم (ص ٢٩).
(٤) ينظر: موقف العقل لمصطفى صبري (١/ ٢٩ - ٣٠)، ومنهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة، لتامر محمد محمود متولي (ص ٦٧٥).

<<  <   >  >>