للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني نشأة البدع المتقابلة، ومناهج العلماء في الرد عليها.]

وفيه مطلبان:

[المطلب الأول: تاريخ نشأة البدع المتقابلة، وأسباب ظهورها.]

[أولا: تاريخ نشأة البدع المتقابلة]

لسنا بصدد الحديث عن نشأة كل فرقة على حدة، ولكن لا بد من الحديث إجمالاً عن نشأة البدع المتقابلة وتطورها.

وذلك أن نمو الأفكار والعقائد يعتريه من التداخل والتركيب والامتزاج، وردود الأفعال والتأثرات النفسية والتقلبات الفكرية، ما يجعله مختلطاً على كثير من الناس.

وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن: " البدعة كلما كانت أظهر مخالفة للرسول يتأخر ظهورها، وإنما يحدث أولاً ما كان أخفى مخالفة للكتاب والسنة" (١)، ويقول أيضاً: " فإن البدع إنما يظهر منها أولاً فأولا الأخف فالأخف، كما حدث في آخر عصر الخلفاء الراشدين بدعة الخوارج والشيعة، ثم في آخر عصر الصحبة بدعة المرجئة والقدرية، ثم في آخر عصر التابعين وانقراض أكابر التابعين ظهرت بدعة الجهمية معطلة الصفات" (٢) "ومعلوم أن أهل الكتاب أقرب إلى المسلمين من المجوس والصابئين والمشركين، فكان أول ما ظهر من البدع فيه شبه من اليهود والنصارى ... ثم لما عُرِّبت كتب الفرس والروم ظهر التشبه بفارس والروم، وكتب الهند انتقلت بتوسط الفرس إلى المسلمين، وكتب اليونان انتقلت بتوسط الروم إلى المسلمين، فظهرت الملاحدة الباطنية الذين ركبوا مذهبهم من قول المجوس واليونان مع ما أظهروه من التشيع" (٣).


(١) الرد على الإخنائي (ص ٢١٣).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٥٨).
(٣) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٤٧٠ - ٤٧١).

<<  <   >  >>