للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية الأولى:

قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} الشورى: ١١، هذه الآية من الآيات الواضحة في هذا الباب، وهي تردُ على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:

- أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط.

دل قوله جل وعلا: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} الشورى: ١١، على إثبات: ذاتٍ موجودة ثابتة لله، كما دلت على أنه سبحانه (شيء)، وعلى إثبات أسماء الله، وعلى إثبات أفعال الله، وعلى إثبات صفات الله بنوعيها (الصفات الذاتية، والصفات الفعلية)، وبيان ذلك فيما يلي:

١ - إثبات ذات موجودة لله، وهذا ما دلت عليه الآية كلها، وهو مما يعلم بالضرورة القاطعة المستغنية عن ذكر وجوه الاستنباط، فالكلام في هذه الآية إنما هو عن الله، مما يعلم معه أنه موجود، وأنه شيء، كما أن الله قد نفى المثل عن نفسه فيها، فقال: {ليس كمثله شيء}، إذ فكيف يُنفى المثل عما ليس بشيء؟ ! .

٢ - أن هذه الآية قد دلت على إثبات أسماء الله، حيث تضمنت ذكر اسمين من أسماء الله الحسنى، وهما: السميع، والبصير.

٣ - أنها قد دلت على إثبات الصفات الذاتية لله، حيث جاء فيها إثبات صفة السمع لله (والتي تضمنها اسم السميع)، وصفة البصر (والتي تضمنها اسم البصير)؛ لأنه من المقرر أن كل اسم لله فإنه يتضمن الدلالة على الذات، وعلى صفة أو عدة صفات (١)، "فإن صدق المشتق مستلزم لصدق المشتق منه، وذلك يقتضي قيام الصفات به" (٢).

٤ - كما دلت الآية أيضاً على إثبات الصفات الفعلية له تعالى، وذلك فيما تضمنه فعل (الفطر)، و (الجعل)، و (الذرء) (٣)، فإضافة هذه الأفعال إلى الله يدل على قيامها به،


(١) ينظر: بدائع الفوائد لابن القيم (١/ ١٧٠، ١٧٨)، شرح القواعد المثلى للعثيمين (٥٣، ١٥٦).
(٢) مجموع الفتاوى (٦/ ٣٥).
(٣) قال ابن كثير: " قوله: (فاطر السموات والأرض) أي: خالقهما وما بينهما .. (يذرؤكم فيه) أي: يخلقكم فيه، أي: في ذلك الخلق ... وقال البغوي - رحمه الله -: (يذرؤكم فيه) أي: في الرحم. وقيل: في البطن. وقيل: في هذا الوجه من الخلقة" تفسير القرآن العظيم (٧/ ١٩٤).

<<  <   >  >>