للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا نجد أن القرآن الكريم قد تنوعت فيه أساليب الإخبار عن البعث ليكون ذلك أوقع في النفوس والقلوب (١).

ومع كل هذا نجد من أصحاب البدع المتقابلة من أفرط وفرط في باب الإيمان باليوم الآخر، لذا فقد اهتم القرآن الكريم بشبههم، فبينها وقضى عليها بالبراهين القاطعة، والحجج الساطعة، كما تعددت طرق بيانه لفساد سلوك المخالفين، وفيما يلي بعض الآيات الرادة على البدع المتقابلة في هذا الباب:

الآية الأولى:

قول الله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٥)} الرعد: ٥، هذه الآية تردُ على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:

- أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط.

في هذه الآية الكريمة ردٌ على بطلان دعوى من أنكر البعث، عند قوله - سبحانه وتعالى -: {فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}؛ لأن المعاد معلوم بالعقل، وإنما اهتدي إلى تفاصيله بالوحي، ولهذا يجعل الله سبحانه إنكار المعاد كفراً به، فقال - عز وجل -: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٥)}؛ لأن بدعتهم إنكار لقدرته - عز وجل - ولإلهيته، ولهذا فإنكار المعاد عجب من الإنسان، وهو محض إنكار الرب والكفر به، والجحد لإلهيته، وقدرته، وحكمته وعدله وسلطانه.


(١) أدلة القرآن في هذا الباب على ثلاثة أنواع:
١ - الأدلة السمعية، وهي خطاب الشرع.
٢ - الأدلة العقلية، كالاستدلال علي البعث بخلق الناس أول مرة، وكالاستدلال بخلق السموات والأرض، وكالعدل بين البشر، وهذا يقتضي البعث والجزاء.
٣ - الأدلة الحسية، كإحياء الموتى في دار الدنيا، وإحياء الأرض بعد موتها، وإخراج النار من الشجر الأخضر.

ينظر: مجموع الفتاوى (٩/ ٢٢٤ - ٢٢٥)، وإعلام الموقعين (١/ ١٤٠)، والصواعق المرسلة (٢/ ٤٧٣ - ٤٨١)، مفتاح دار السعادة (١/ ١٨٨)، وأضواء البيان عند تفسير الآيات الدالة على البعث والنشور (٥/ ٣٥٠)، والتحرير والتنوير (٧/ ٢٤٥)، مقدمة تحقيق رسالة في الرد على منكري بعث الأجساد لقاسم بن محمد بن مخلص، تحقيق د. محمد باكريم محمد باعبدالله (ص ٣٦٢ - ٣٦٦) ضمن مجلة الدراسات العقيدة العدد ١، منهج الإمام ابن أبي العز الحنفي وآراؤه في العقيدة من خلال شرحه للطحاوية، لعبد الله الحافي (ص ٣٨٧ - ٣٩٢).

<<  <   >  >>