للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني الآيات الرادة على البدع المتقابلة في توحيد الألوهية.]

[المطلب الأول: دراسة تحليلية لبعض الآيات الرادة على البدع المتقابلة المتعلقة بتوحيد الألوهية.]

المتأمل للقرآن الكريم يجد فيه عناية واضحة حيال مسألة توحيد الألوهية، تزيد على أي مسألة أخرى من المسائل العقدية والمعارف العقلية، بل حتى قضية المعاد والبعث في يوم القيامة -التي تعد من القضايا المهمة جداً في نظر القرآن، بحيث لا يمكن لأي دين أن يتحلى بمنهج إلهي دون الاعتقاد بها-؛ لم يهتم بها القرآن كاهتمامه بتوحيد الألوهية، حتى إن الربوبية تدور حول قضية واحدة، وهي الدعوة إلى عبادة الله وحده سبحانه وترك عبادة من سواه (١).

لذا فقد تعددت طرق القرآن العظيم في بيان فساد سلوك المخالفين لتحقيق توحيد الألوهية والتحذير من ذلك، وفيما يلي بعض الآيات الرادة على البدع المتقابلة في توحيد الألوهية:

الآية الأولى:

قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} الذاريات: ٥٦، هذه الآية تردُ على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:

- أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط.

في هذه الآية رد على غلاة الجبرية، الذين عارضوا الشرع بالقدر، فعطلوا الأوامر وانتهكوا المناهي، فأبطل الله - عز وجل - احتجاجهم بالقدر على ترك الطاعة، بقوله: {لِيَعْبُدُونِ}، ولفظ الآية وظهور العموم فيها يقتضي فعلا يفعلونه هم باختيارهم، والمراد أن الأمر بالعبادة الشرعية أتت على جهة الابتلاء، لينظر الله - عز وجل - من يحسن عملاً فيطيع أمر ربه ويمتثل شرعه، ومن يسيء فيعصي ويكفر، وهذا المعنى دلت عليه آيات أخرى في كتاب الله، وجاءت دلالتها له على وجهين: إما مفسرة له، أو شاهدة له.


(١) ينظر: مفاهيم القرآن، جعفر السبحاني (١/ ١٠).

<<  <   >  >>