للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: تعريف البدع]

[لغة]

البدعة في اللغة مصدر (بَدَعَ)، ولها إطلاقات منها: البدء، والإنشاء، والإحداث، والاختراع، والخلق، والانقطاع (١).

وهذه الإطلاقات ترجع جميعاً إلى أصل مادة "بدع": وهو الاختراع على غير مثال سابق، ومنه: قول الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} البقرة: ١١٧، أي: مخترعها من غير مثال سابق متقدم.

قال ابن فارس - رحمه الله - (٢): "الباء والداء والعين" أصلان لشيئين:

أحدهما: ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال سابق.

الثاني: الانقطاع والكلال -كقولهم: أبدعت الراحلة إذا كلت وعطبت (٣).

وفي الحقيقة أن هذا المعنى داخل في المعنى الأول لم يخرج عنه، وإلى ذلك أشار ابن الأثير (٤)

حيث قال: "يقال: أبدعت الناقة إذا انقطعت عن السير بكلال أو ظلع، كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السير إبداعا، أي: إنشاء أمر خارج عما اعتيد منها" (٥)، كما نص


(١) ينظر: لسان العرب لابن منظور (١/ ٣٤١ - ٣٤٣)، والقاموس المحيط، للفيروزابادي (ص ٩٠٦ - ٩٠٧)، والصحاح للجوهري (٣/ ١١٨٣ - ١١٨٤).
(٢) هو أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد القزويني، أبو الحسين، الإمام اللغوي، ولد بقزوين حوالي ٣٠٦/ ٣٠٨ هـ، له مصنفات منها: معجم مقاييس اللغة، ومجمل اللغة، توفي سنة ٣٩٥ هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (١٧/ ١٠٣)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد (٣/ ١٣٢)، الوافي بالوفيات للصفدي (٧/ ١٨١).
(٣) ينظر: مقاييس اللغة لأحمد بن فارس (١/ ٢٠٩ - ٢١٠).
(٤) هو: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري ثم الموصلي، ولد سنة (٥٤٤ هـ)، كان فقيهاً محدثاً أديباً نحوياً ورعاً عاقلاً، ذا برِّ وإحسان، توفي بالموصل - رحمه الله - سنة (٦٠٦ هـ)، وله مصنفات بديعة منها جامع الأصول في أحاديث الرسول - عليهما السلام -، والنهاية في غريب الحديث.

ينظر: وفيات الأعيان (٤/ ٧)، والسير (٢١/ ٤٨٨)، وشذرات الذهب (٥/ ٢٢).
(٥) النهاية في غريب الحديث (١/ ١٠٧).

<<  <   >  >>