للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- الأصل التاسع: ما يتعلق بطاعة ولي الأمر:

لا يفوت أن أشير إلى أن بعض أتباع الأمويين كان لديهم إرجاء خاص بالملوك والخلفاء، وهو أن الله إذا ولى أحداً خلافة المسلمين كفر سيئاته بحسناته (١)، فرأوا تبعاً لذلك أن طاعة ولي الأمر مطلقة، فكان أهل السنة وسط بينهم وبين الخوارج الذين يكفرون ولاة أمر المسلمين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعله لا يكاد يُعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته" (٢).

- الأصل العاشر: ما يتعلق بمسائل متفرقة (٣):

عقيدة أهل السنة والجماعة هي العقيدة المثلى التي يتبوأ أربابها الوسطية بين جميع الطوائف والمسائل، والأمثلة على جوانب وسطيتها كثيرة يتعذر حصرها، ويمتنع على المستقصي ذكرها؛ وفيما يلي إبراز لبعضٍ منها للتوضيح، فنجد أنهم:

وسط بين الذين ينكرون كل ما وراء الطبيعة مما لم تصل إليه حواسهم؛ وبين الذين يثبتون للعالم أكثر من إله، أو يحلون روح الإله في الملوك والحكام، بل وفي بعض الحيوانات والنباتات والجمادات؟ ! ! .

وهم وسط بين الغلاة في إطاعة الفرد للشيخ والقائد، كأنه الميت بين يدي الغاسل؛ والمسرف في تحرُره كأنه ليس عضواً في جماعة.

ووسط بين المغالين في التحريم، كأنه لا يوجد في الدنيا شيء حلال؛ والمبالغين في التحليل، كأنه لا يوجد في الدين شيء حرام.


(١) ينظر: منهاج السنة (٣/ ١٧٧)، قيل إن عبد الملك بن مروان سأل الزهري: أحق أن الله إذا ولى أحداً كتب حسناته ولم يكتب سيئاته؟ فأنكر الزهري ذلك مستدلاً بآيات سورة (ص): {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً} ص: ٢٦، وقال: فالنبي الخليفة أفضل من الخليفة غير النبي! ! .
(٢) منهاج السنة (٣/ ٣٩١).
(٣) ينظر: شرح عقيدة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، للشيخ صالح الفوزان (ص ٨٤)، موقف ابن تيمية من الأشاعرة، د. عبد الرحمن المحمود (ص ٤٦١).

<<  <   >  >>