للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحكام التكفير العلماء؛ لأنهم لم يقوموا بواجبهم في الحكم بالتكفير على الحكام والمحكوم (١). وتكفيرهم للإمام والخروج عليه وما يتبع ذلك من لوازم؛ كان بسبب زوال الإيمان عنه، بناءً على أصلهم الفاسد.

- ثانياً: خطؤهم في فهم النصوص، وطرق الاستدلال:

أخذ الوعيدية بظواهر النصوص دون فقه، ولا اعتبار لدلالة المفهوم، ولا قواعد الاستدلال، ولا الجمع بين الأدلة، ولا اعتبار عندهم لفهم العلماء، لذا غلَّبوا نصُوص الوعيد والخوف، وأهملوا نصُوص الوعد والرجاء (٢)، وأخذوا يفسرون القرآن وفقاً لأهوائهم، فجاء تفسيرهم مفتعلاً موجهاً لخدمة أغراضهم (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في بدعة الوعيدية: " إن أصلها ما فهموه من القرآن فغلطوا في فهمه، ومقصودهم اتباع القرآن باطناً وظاهراً ليسوا زنادقة ... ، وكذلك الإرجاء إنما أحدثه قوم قصدهم جعل أهل القبلة كلهم مؤمنين ليسوا كفاراً" (٤).

وقال عنهم - رحمه الله -: " ليسوا ممن يتعمد الكذب؛ بل هم معروفون بالصدق، حتى يقال إن حديثهم من أصح الحديث، لكنهم جهلوا وضلوا في بدعتهم، ولم تكن بدعتهم عن زندقة وإلحاد؛ بل عن جهل وضلال في معرفة معاني الكتاب" (٥).

وبسبب وضعهم الدليل في غير ما يدل عليه، فقد رتبوا على حكم تكفير مرتكب الكبيرة استحلال قتل المسلمين، وفي ذلك يقول ابن عمر - رضي الله عنهما -: ((ذهبوا إلى الآيات التي أنزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين)) (٦)، إذ التمسك بالقرآن لا يؤدي إلى سفك الدماء بغير حق! (٧).


(١) ينظر: دراسة عن الفرق في تاريخ الخوارج والشيعة، أ. د. أحمد محمد جلي (١١٦ - ١١٨).
(٢) ينظر: الخوارج أول الفرق في تاريخ الإسلام، أ. د. ناصر العقل (ص ١٥).
(٣) ينظر: دراسة عن الفرق في تاريخ الخوارج والشيعة (ص ١٥١ - ١٦٣).
(٤) مجموع الفتاوى (١٧/ ٤٤٦).
(٥) منهاج السنة (١/ ٦٨).
(٦) أخرجه البخاري معلقاً في صحيحه كتاب استبانة المرتدين باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم (٩/ ١٦) فتح الباري (١٢/ ٢٨٢)، ورواه ابن عبد البر موصولا في التمهيد (٢٣/ ٣٣٥)، وشرح السنة للحسين بن مسعود البغوي (١٠/ ٢٣٣).
(٧) ينظر: تاريخ الطبري (٥/ ٨٤)، والكامل لابن الأثير (٣/ ٣٤٤)، تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة (١٠/ ٦٩).

<<  <   >  >>