للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان القرآن الكريم آخر هذه الكتب نزولاً، لهذا جاء مهيمناً وحاكماً عليها، كما جاء لهداية الناس في كل العصور إلى قيام الساعة، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} المائدة: ٤٨، فالقرآن مشتملٌ على كل ما سبقه من كتب، مصدق بها، سليم من أي تحريف، بل هو المرجع الوحيد لبيان ما فيها من حق.

o العلم بحكمة الله تعالى في شرعه:

من المعلوم أن الله تعالى قد شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم ويلائم ظروفهم، ويحققُ حاجتهم، ويهديهم لما فيه صلاحُ أمرهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} المائدة: ٤٨، قال ابن كثير - رحمه الله -: " ففي هذه الآية إخبار عن أحوال الأمم المختلفة الأديان، باعتبار ما بعث الله به رسله الكرام من الشرائع المختلفة في الأحكام المتفقة في التوحيد، الذي بعث الله به كل رسول أرسله، وضمنه كل كتاب أنزله، وأما الشرائع فمختلفة في الأوامر والنواهي، فقد يكون الشيء في هذه الشريعة حراماً ثم يحل في الشريعة الأخرى، وبالعكس، وخفيفاً فيزاد في الشدة في هذه دون هذه، وذلك لما له تعالى في ذلك من الحكمة البالغة، والحجة الدامغة" (١).

o تقديم العبر والعظات من أحوال السابقين وأُمم الهالكين:

المتأمل في القرآن الكريم يجد أنه كثيراً ما ينبه ويشير لأحوال السابقين لأخذ العبر والعظات.

فبعد أن قص الله علينا قصة أخذ القرى الظالمة، وهي قرى نوح وعاد وثمود ختم الله هذا بقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣)} هود: ١٠٣.

والمعنى: " إن في إهلاكنا الكافرين وإنجائنا المؤمنين لآية؛ أي: عظة واعتبارا على صدق موعدنا في الدار والآخرة" (٢)، وغير ذلك من الموضوعات التي أشار إليها القرآن الكريم (٣).


(١) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٦٨).
(٢) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٤٧٠).
(٣) كقصة غرق فرعون، وقصة نوح - عليه السلام - مع قومه، وقصة إبراهيم مع ابنه، وكذا قصة أصحاب الكهف وأصحاب الجنة ... إلى أخر هذه القصص التي ذكرها الله في كتابه الكريم للعظة والاعتبار.

<<  <   >  >>