للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - اعتمادهم على مقدمات فاسدة: الأساس في مخالفة تلك الفرق للنصوص الشرعية إنما يرجع إلى شبهات عقلية سلموا بها قبل النظر في دلالات النصوص الشرعية، ثم نظروا إلى النصوص الشرعية بعد ذلك وفسروها بما يوافق تلك الشبهات، وبهذا يكون ضلالهم في موقفهم من النصوص الشرعية مضاعفاً، حيث تركوا دلالات تلك النصوص واعتمدوا على شبهات عقلية زعموا أنه لا يمكن اعتبار دلالات النصوص الشرعية معها، ثم عادوا على دلالات النصوص بعد ذلك بالتأويل ودعوى أنها معارضة لما هو معلوم بالضرورة، والاستشهاد بالمتشابه منها على ما ادعوه من المعاني الباطلة، فيما يتعلق بالقدر وأفعال العباد (١).

ومن أجل هذا: انقسم المبتدعة إلى طرفين متقابلين، طرف انتهج الغلو والإفراط والزيادة! ! وطرف سلك طريق التقصير والتفريط والنقصان! ؛ لإعراضهم عن هدي المرسلين واتباعهم غير سبيل المؤمنين. وبيان ذلك في المطلبين الآتيين.


(١) المقدمة التي بنى عليها القدرية والجبرية قولهم فيها، ادعاء أن أفعال العباد لا تكون إلا بقدرة واحدة إما قدرة الله تعالى، وإما قدرة العبد، وأنه يستحيل حصولها بقدرة الرب وقدرة العبد في آن واحد.

والحاصل أن من سلم بالشبهة المشتركة بين القدرية والجبرية فلا بد أن يلتزم بقول القدرية وينفي خلق الله تعالى لأفعال العباد، أو يلتزم بقول الجبرية وينفي اختيار العبد وتأثير قدرته في فعله، أو يبقى حائراً مضطرباً لا يتبين له الحق في هذه المسألة. ينظر: تبصرة الأدلة، لأبي المعين النسفي (٢/ ٥٩٤ - ٥٩٥)، الخلاف العقدي في باب القدر دراسة تحليلية نقدية لأصول القدرية والجبرية في أفعال العباد، د. عبد الله بن محمد القرني (ص ١٠، ٢٠).

<<  <   >  >>