للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما من فرقة جاءت عن طريقة الشيعة إلا ولديها انحراف في هذا الركن المهم كالدروز، والبهائية، والنصيرية وغيرها، فهم يتخيلون ويعتقدون أن تلك النصوص هي من باب التخييل فهم تابعون لأهل التخييل (١).

وهكذا فإن ما بُني على باطل فهو باطل، فلا يظن أن تخرج لنا المذاهب الباطلة عقيدة صافية في الإيمان باليوم الآخر! ، لذلك فإن اختيارات أرباب البدع هي نتاج لما قروره في أبواب العقائد الأخرى ما أثر في هذا الباب باب اليوم الآخر.

- تاسعاً: الإيمان بالماديات، وإنكار الغيبيات:

أصبحت أديان أهل الكتاب أدياناً مادية دنيوية، يندر أن تجد فيها للإيمان بالغيب نصاً واضحاً -لا سيما الإيمان بالله واليوم الآخر-، وإن وجدت فهي نصوص عامة محتملة، يقصد بها جنة الدنيا ونعيمها (٢)، وما ذلك إلا لتفريط اليهود والنصارى بتحريفهم للتوراة والنجيل، فلا يكاد يوجد نص يتحدث عن اليوم الآخر صريحاً فضلا عن أن يكون صحيحاً.

كما أن التفريط أيضاً حاصلٌ في واقعهم، فإننا نجد أفعالهم - من قتل، وتشريد، واغتصاب أرض، وإثارة للفتن، والسعي للإفساد في الأرض- أكبر شاهد على عدم إيمانهم باليوم الآخر.

ولقد بات إنكار الغيب من سمات العصر الحديث -وصار الإيمان بالماديات هو البديل- في نظر الحضارات الغربية والشرقية، وعلى هذا فإن الإيمان بالغيب يعد فيصلاً بين البشر في حياتهم، فصار سعادةً للمؤمن بإيمانه به، وشقاءً للكافر بجحوده ونكرانه له.

وبالجملة فإن الخلل والاضطراب في الإيمان بهذا الركن العظيم أصل كل شر، ورأس كل بلية، وهذا باب واسع ليس هذا موضعه.


(١) ينظر: تناقض أهل الأهواء والبدع في العقيدة (١/ ٣٥٦).
(٢) الصراع العقائدي في الأندلس خلال ثمانية قرون بين المسلمين والنصارى (ص ٣٧٩).

<<  <   >  >>