للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمهيد في تعريف توحيد الألوهية (١):

إن الطريق الفطري إلى إثبات توحيد الألوهية هو توحيد الربوبية؛ لأن القلب يتعلق أولاً بتوحيد الربوبية، ثم يرتقي إلى توحيد الألوهية (٢)، فمعرفة الله لا تكون بدون عبادته، والعبادة لا تكون بدون معرفته تعالى، فهما متلازمان، كما أن توحيد الألوهية متضمن توحيد الربوبية، بمعنى أن توحيد الربوبية جزء من معنى الألوهية، فيكون توحيد الألوهية خارج عن مدلول توحيد الربوبية، لكن لا يتحقق توحيد الربوبية إلا بتوحيد الألوهية، لذا كان هذا الفصل انتقالاً من الخاص إلى العام.

وقد جعلَ الله - عز وجل - من مظاهر تفرده بالربوبية في خلق الحاضرين والغابرين وتمهيد الأرض ورفع السماء وإنزال الماء منها وإخراج الرزق من الثمرات، سبيلاً إلى توحيد الألوهية وآية بينة على استحقاقه وحده للعبادة، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} البقرة: ٢١ - ٢٢.

ويحسن قبل الشروع في مباحث هذا الفصل التمهيد بتعريفه وبيان أهميته.

أولاً: تعريف توحيد الألوهية:

الألوهية لغةً: مصدر أَلَه يألَه أُلوهة وألوهية، والتأله هو: التعبد (٣).


(١) سمي توحيد الألوهية؛ باعتبار إضافته لله، ويسمى كذلك بتوحيد القصد؛ لأنه مبني على إخلاص القصد المستلزم لإخلاص العبادة، وتوحيد الإرادة؛ لأنه مبني على إرادة وجه الله بالأعمال، وتوحيد العمل؛ لأنه مبني على إخلاص العمل لله، والتوحيد الفعلي؛ لتضمنه لأفعال القلوب والجوارح، والتوحيد الطلبي؛ لتضمنه الطلب، والدعاء من العبد لله، وتوحيد العبادة؛ باعتبار إضافته إلى الموحِّد وهو العبد، ولتضمنه إخلاص العبادة لله وحده.

ينظر: تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ص ٣٨)، والدين الخالص لمحمد صديق حسن (١/ ٦٠).
(٢) ينظر: الكواشف الجلية في معاني الوسطية، لعبد العزيز السلمان (٤٢١ - ٤٢٢).
(٣) ينظر: تهذيب اللغة (١/ ١٨٩)، الصحاح (٦/ ٢٢٢٣)، لسان العرب (١٣/ ٤٦٧)، القاموس المحيط (ص ١٦٠٣).

<<  <   >  >>