للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- أن خلق الفعل من الله يقتضي التفريق بين المكلفين، هذا خلق فعل طاعته، فأدخله الجنة، وهذا خلق فعل معصيته، فأدخله النار، وهذا ظلم؛ لأنه لم يساو بينهم في خلقه وفعله.

والخوض في هذا الباب: طريقة أهل الأهواء والمراء، وهي طريقة وعرة ودحضُ مزلة، مع نهي الشرع عنها أصلاً وفرعاً، كما أنه قدح في فعل الرب سبحانه وتنقص لحكمته، وتحكيم في إرادته بمحض القياس العقلي الناقص، المتضمن لتنقص الشرع وصاحبه.

ويتبين مما سبق أن القدرية النفاة مفرطون في هذا الباب، مقصرون فيه بما سلبوا الله تعالى قدرته، وبقولهم إن العباد هم الخالقون لأفعالهم.

٣ - قول أهل الوسط بين هؤلاء وهؤلاء، وهم الذين يثبتون القدر السابق، ويقولون أيضاً: إن للإنسان إرادة ومشيئة، ولكنها خاضعة لمشيئة الله، والإنسان وأفعاله مخلوق لله - عز وجل -، وهذا مذهب الأنبياء وأتباعهم؛ لأنه لا يحدث في ملك الله شيء إلا وهو خالق له - سبحانه وتعالى -.

[ومن خلال ما سبق يمكننا الوقوف على طرق الانحراف المؤدية إلى التفريط في الإيمان بالقضاء والقدر، وهي]

- أولاً: إرادة تنزيه الله - عز وجل - عن الشر:

منشأ ضلال هؤلاء في البداية هو أنهم أرادوا تنزيه الله - عز وجل - عن الشر، فوقعوا في نفي القدر، وهذا أصل التعطيل ومنشأ التفريط، فقالوا: بأن العبد مستقل بعمله في الإرادة، والقدرة، وليس لمشيئة الله تعالى وقدرته في ذلك أثر، وقالوا بأن: أفعال العباد ليست مخلوقة لله، وإنما العباد هم الخالقون لها، وقالوا: إن الذنوب الواقعة ليست واقعة بمشيئته الشاملة، وغلاتهم ينكرون أن يكون الله قد علمها، فيجحدون مشيئته الشاملة، وقدرته النافذة، ولهذا سموا مجوس هذه الأمة؛ لأنهم شابهوا المجوس الذين قالوا: إن للكون إلهين: إله النور، وهو

<<  <   >  >>