للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- الثالث: امتناع التعارض بين العقل والنقل:

بعد أن تبين أن حقيقة الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا بد فيها من التسليم لما جاء به، وأنه - صلى الله عليه وسلم - قد بين للناس أصول الدين والإيمان من جهة الدلائل والمسائل، فالمعارض العقلي يناقض هاتين الحقيقتين.

والقول بإمكان التعارض بين العقل والنقل، يلزم منه القول بتعارض الحقائق وتناقضها، وأنه يمكن نقض الحق بما هو حق، والقول بهذا فيه نفي لجميع الحقائق وعدم إمكان إثبات الحقائق بدليل يسلم عن معارض صحيح على زعمهم (١).

ويدخل في هذا القسم -النقل- أغلبُ مسائل الاعتقاد؛ فلا تعلم إلا عن طريق الخبر؛ إذ لا يمكن للعقول أن تستقل بمعرفة هذه المسائل، لولا مجيء الوحي بها، وبأدلتها العقلية، وما على العقل إلا فهمها وتدبرها (٢).

[المعلم الثالث: التلازم بين الظاهر والباطن]

"التلازم بين الظاهر والباطن": قاعدة قطعية في الشريعة الإسلامية، ولا شك أن لهذه القاعدة أهمية كبرى في إزالة التضييع والتميُّع (٣) وفي ضبط الرؤية في كثير من قضايا البدع المتقابلة.

لأنه متى ما قامت المحبة بالقلب مع التصديق، لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة والأعمال الظاهرة.

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة، والأعمال الظاهرة فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلب ولازمه، ودليله ومعلوله كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضا تأثير فيما في القلب. فكل منهما يؤثر في الآخر لكن القلب هو الأصل، والبدن فرع له والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه" (٤).


(١) ينظر: الدليل العقلي عند السلف (ص ٦٩، ٧٣).
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى (١١/ ٤٩٠)، العقل تعريفه، منزلته، مجالاته، ومداركه، (ص ٣٦٨).
(٣) مظاهر الانحراف عن الوسطية تفريطاً أكثر بكثير من مظاهر الانحراف غلوا في عصرنا الحاضر.
(٤) مجموع الفتاوى (٧/ ٥٤١).

<<  <   >  >>