للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "توحيد الألوهية هو أن لا تجعل ولا تدعو مع الله غيره" (١)، وقال ابن أبي العز - رحمه الله -: " توحيد الإلهية هو استحقاقه سبحانه أن يُعبد وحده لا شريك له" (٢).

وقد بين الله هذا التوحيد في آيات كثيرة في القرآن الكريم، منها:

قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (٣٩)} الإسراء: ٣٩. وقوله سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} القصص: ٨٨، وقوله - عز وجل -: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣٢)} المؤمنون: ٣٢، وقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} الإسراء: ٢٣.

بهذا يتبين أن الألوهية صفة لله تعالى تعني استحقاقه - عز وجل - للعبادة، بما له من الأسماء والصفات والمحامد العظيمة؛ ومن هنا ندرك وجوب توحيد الله وإفراده بالإلهية، وأنه لا إله سواه، ولا معبود بحق غيره، وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى (لا إله إلا الله) وهي مركبة من نفي وإثبات، فمعنى النفي: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله في جميع أنواع العبادات، ومعنى الإثبات: إفراد الله - عز وجل - وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاص، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله -عليهم الصلاة والسلام-، وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد، وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم، قال تعالى: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)} ص: ٥ (٣).

ثانياً: بيان أهمية توحيد الألوهية:

هذا التوحيد هو أعظم أنواع التوحيد وأهمها على الإطلاق، بل لم يخُلق الخلق إلا من أجله (٤)، وهو الذي يتبادر إلى الذهن عند إطلاق كلمة توحيد, وتأتي أهميته من الأسباب التالية:


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٢٧٧)، ودرء تعارض العقل والنقل (٧/ ٣٩٧).
(٢) شرح الطحاوية لابن أبي العز (١/ ٢٤).
(٣) ينظر: أضواء البيان (٣/ ٤١٠ - ٤١٤).
(٤) ينظر: تيسير العزيز الحميد (١/ ١٢٤ - ١٢٥).

<<  <   >  >>