للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعراء: ١٩٣ - ١٩٥، فيلزم من إنكار الملائكة إنكار الوحي والنبوة، وذلك يستلزم إنكار اليوم الآخر (١).

وحقيقة الملائكة، وكيفية خلقهم، وتفصيلات أحوالهم؛ من عوالم الغيب التي استأثر الله - عز وجل - بها، -لذا فإن الإيمان بالملائكة من الإيمان بالغيب الذي هو صفة من صفات المؤمنين المتقين كما قال سبحانه: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)} البقرة: ٢ - ٣، بل إن أركان الإيمان الستة كلُّها غيب-، ولا يمكن أن يُعلم الغيب إلا من طريق الوحي؛ لذلك انحصر طريق معرفتهم -عليهم السلام- في الوحيين الكتاب والسنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وما تواتر عن الأنبياء من وصف الملائكة هو مما يوجب العلم اليقين بوجودهم في الخارج ... " (٢).

عليه فوجود الملائكة ثابت بالدليل القطعي الذي لا يمكن أن يلحقه أدنى شك، ومن هنا كان إنكار وجودهم كفراً بنص القرآن الكريم، فقد قال - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١٣٦)} النساء: ١٣٦ (٣).

لذلك فإن الإيمان بالملائكة وما يدخل تحته يكاد ألا يكون فيه موضع خلاف بين أهل السنة وغيرهم، فالقول فيه متفق عليه تماما بين غالبية الفرق المنتسبة للإِسلام، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " وليس بين أهل الملل خلاف في أن الملائكة جميعهم مخلوقون" (٤).

ويحسن قبل الشروع في مباحث هذا الفصل التمهيد بالتعريف وبيان الأهمية.

أولاً: التعريف بالملائكة:

أ-التعريف بالملائكة:


(١) ينظر: تفسير المنار، لمحمد رشيد بن علي رضا (٢/ ٩٢).
(٢) درء التعارض (٦/ ١٠٧).
(٣) ينظر: إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (٢/ ٢٥١)،
و(٤) بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية، لابن تيمية (ص ٢٣٢).

<<  <   >  >>