للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها (١)، وما ذلك إلا لأنها أتت من طريق الصحابة، فرفضوا كل ما يأتي من أخبار وروايات وأحاديث عن طريقهم، بعد أن حكموا عليهم بالكفر والخروج من ملة الإسلام، كما أنها تعارض كثيراً مما اعتقدوه (٢).

قال ابن تيمية - رحمه الله -: " الخوارج لا يتمسكون من السنة إلا بما فسر مجملها (٣)، دون ما خالف ظاهر القرآن عندهم، فلا يرجمون الزاني، ولا يرون للسرقة نصاباً" (٤).

[٤ - الخروج على الأئمة]

إن من الأمور التي أجمعت عليها الخوارج إجماعهم على "وجوب الخروج على الإمام الجائر" (٥)، سواء ظلموا أو أخطأوا، أو أظهروا جوراً في الحكم، أو كان فيهم تقصير عن إقامة الحدود، أو اتخذوا من أنفسهم أندادا لله في التشريع (٦)؛ فإن الخروج عليه حينئذ يكون واجباً (٧).

كما أنهم لا يرون للإمام ميزة إلا إقامة الأحكام الشرعية، ولهذا فمراجعته وانتقاده أمر عادي (٨)، ولقد أدت هذه النظرية إلى كثرة حروبهم وخروجهم على أئمتهم أو أئمة مخالفيهم وهذا يعتبر أمراً طبيعياً إزاء هذه الأحكام الخاطئة تجاه الإمام.

كما طال التكفير المحكومين فاعتبروا كفر الإمام سبباً في كفر رعيته، وذلك في قولهم: "إذا كفر الإمام فقد كفرت الرعية الغائب منهم والشاهد" (٩)؛ لأنهم -بزعمهم-رضوا بأولئك الحكام ولاة عليهم، بل إن الكثيرين منهم ساعدوا الحكام في تنفيذ رغباتهم، ولم يستثن من


(١) ينظر: الفرق بين الفرق (١٨٠، ٣٤١)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٧٥)، واقتضاء الصراط المستقيم (ص ٣٤٤).
(٢) ينظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٢٠٦).
(٣) كذا في سياق الفتاوى، ولعل المراد: أنهم لا يحتجون بالسنة إلا ما ورد فيها مجملاً وفسره القرآن. ينظر: المبتدعة وموقف أهل السنة والجماعة منهم، د. محمد يسري (ص ٢٨٢).
(٤) مجموع الفتاوى (١٣/ ٤٨ - ٤٩).
(٥) الفرق بين الفرق (ص ٧٣).
(٦) بأن الحكام لا يحكمون بما أنزل الله، بل يحكمون بقوانين وضعية، أحلوا فيها ما حرم الله وحرموا ما أحله الله، واتخذوا من أنفسهم أندادا لله في التشريع، فكفروهم.
(٧) ينظر: الفرق بين الفرق (ص ٥٥)، مقالات الإسلاميين (١/ ٢٠٤)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ١٠٧).
(٨) ينظر: الفصل لابن حزم (٤/ ١٥٧).
(٩) ينظر: الملل والنحل (١/ ١٢٦)، الفرق بين الفرق (ص ١٠٩).

<<  <   >  >>