للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المعنى الإجمالي للآيات الرادة على البدع المتقابلة في الإيمان بالقضاء والقدر.]

أختتم هذا الفصل، بذكرٍ إجمالي للآيات الرادة على الانحراف العقدي في الإيمان بالقضاء والقدر:

١. قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} التكوير: والإنسان: ٢٩، ٣٠ في هذه الآية الكريمة رد على طائفتين ضالتين، وهما: الجبرية والقدرية، ففي قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ} دليل على أن للعبد مشيئة يختار بها فكان هذا رد على الجبرية، كما أن في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} رد على القدرية الذين ينفون مشيئة الله - عز وجل -، وأهل السنة وسط بين هاتين الطائفتين الضالتين. فتبين أنه لا حجة في القدر على ترك التوحيد، ولا حجة في القدر على إتيان المعصية، ولا حجة في القدر على ترك الطاعة، بل لله الحجة البالغة على كل أحد، فإنه ما من أحد إلا وله الاختيار الكامل في فعل ما شاء وترك ما شاء، وهذه المشيئة لا تخرج عن مشيئة الله - عز وجل -، من أجل هذا كان أهل السنة وسط بين هاتين الطائفتين الضالتين.

٢. قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} البقرة: ٢٨٦، أثبت الله للعبد فعلاً وكسباً، والكسب هو الذي يعود على فاعله منه نفعٌ أو ضرر، ففي هذا رد على الجبرية، وكذلك رد على القدرية بأنه - عز وجل - هو من قام بهذا التكليف: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} البقرة: ٢٨٦، وأنه هو الناصر والمعين لأوليائه {أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٢٨٦)} البقرة: ٢٨٦.

٣. قال تعالى: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧) يوسف: ٦٧، في هذه الآية رد على من أنكر أفعال العباد، عند قوله تعالى: {يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا}، كما أن فيها رداً على من أنكر أفعال الله، عند قوله تعالى: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ}.

<<  <   >  >>