للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمخلوق بالخالق في الأفعال، قول باطل كما أن تمثيل الخالق بالمخلوق والمخلوق بالخالق في الصفات باطل (١).

قال الإمام الطحاوي - رحمه الله -: "وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسةً" (٢)، وهكذا فكل من أراد أن ينزه الله تعالى من غير طريق الكتاب والسنة، فإنه ينسب إليه النقص والعيب الذي لا يليق بالمخلوق، فإنه لو قيل عن المخلوق: إنه يجهل ما لا ينبغي لمثله أن يجهله؛ لكان ذلك عيباً ونقصاً، فكيف يقال ذلك في حق الله سبحانه وتعالى؟ ! .

- رابعا: أثر اجتماع الرد على البدع المتقابلة في موطن واحد.

أتت هذه الآية الكريمة للدلالة على أن المذهب الحق ليس ما ذهب إليه أصحاب التعطيل والتمثيل، بل هو ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة، "فعقيدة أهل السنة أصح مباني وأوضح معاني، وحسبك أنها جامعة لمحاسن العقائد" (٣)؛ فأهل السنة نزهوه عن التعطيل والتمثيل وأثبتوا له ما أثبته لنفسه من صفات الكمال ونزهوه فيها عن الشبه والمثال فأثبتوا له المثل الأعلى ولم يضربوا له الأمثال فكانوا أسعد الطوائف بمعرفته وأحقهم بالإيمان به وبولايته ومحبته وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (٤).


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٣١).
(٢) العقيدة الطحاوية مع شرح ابن أبي العز (ص ٢٧٦).
(٣) الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم، لمحمد بن إبراهيم الوزير، تحقيق: علي العمران (٢/ ٥٢٢).
(٤) ينظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ١٠٦).

<<  <   >  >>