للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)} النحل: ٨٩، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء)) (١).

٦ - وضوح الارتباط الوثيق بين الإيمان والأعمال الصالحة (٢)، فالدين الحق يتضمن العمل الصالح ليظهره على الدين كله، والظهور يكون بالعلم واللسان ليبين أنه حق وهدى، ويكون باليد والسلاح ليكون منصوراً مؤيداً، والله أظهره هذا الظهور (٣)، وهذا هو وصف الصراط المستقيم.

[المعلم السابع: الموقف المعتدل من القضايا الكبرى]

إن تقرير الحق شيء جليل، لا شك في ذلك، ولكن الشيء الذي لا يقل عنه أهمية، بل قد يربو عليه وصل هذا الحق بالحياة وتطبيقاتها، ومد جذوره في أغوارها؛ وهذا ما نجده بعد تأمل يسير في آيات القرآن الكريم التي تميط اللثام عن وجه الحق الذي امتازت به الوسطية عن غيرها من فِرق أهل الضلالة والبدع؛ بأن وافقت الحق في كل باب من أبواب العقيدة تقريراً وتطبيقاً؛ ومن هنا نجد أنها لم تغلُ ولم تفرط كفعل أهل البدع (٤)؛ ليس في هذا الباب فحسب، بل في جميع الأبواب التي تتفرق فيها الفرق (٥) بين طرفين آراؤهما متضادة، فهي حق بين باطلين (٦)؛ وهذه الوسطية تعتبر صفة لازمة لمن ينهجون منهج السلف (٧).

وسأُجمِل -بإذن الله تعالى- فيما يلي الأصول التي كان فيها أهل الحق وسطاً بين باطلين:


(١) رواه ابن ماجة في مقدمة سننه، باب اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١/ ٤)، وحسنه الألباني كما في صحيح ابن ماجة (١/ ٦).
(٢) لأن العمل الصالح لا يصدر إلا مع وضوح الرؤية، لارتباطه بالمحبة والتعظيم.
(٣) ينظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (٣/ ١٠٣).
(٤) ينظر: التنبيهات اللطيفة فيما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة، للشيخ عبد الرحمن السعدي (ص ٧٠).
(٥) أهل السنة وسط: أي عدول خيار بين طرفين منحرفين، في جميع أمورهم. فتعطي لكل طرف حقه بالقسط، بلا وكس ولا شطط، ولا غلو ولا تقصير، ولا إفراط ولا تفريط.
(٦) ينظر: كشف الشبهات (ص ٣٢)، ومختصر تسهيل العقيدة الإسلامية، عبد الله بن عبد العزيز بن حمادة الجبرين (ص ٢٠).
(٧) ينظر: العقيدة الواسطية (ص ١٠٧ - ١١٣)، والصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه، لمحمد أمان بن علي جامي علي (المتوفى: ١٤١٥ هـ) (ص ٣٦٢)، ووسطية أهل السنة والجماعة للدكتور محمد باكريم (ص ٣٥٤) وما بعدها.

<<  <   >  >>