للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - وتنزيهه عن أن يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته.

- ثانياً: (إثبات الوجود الذهني لله - عز وجل -):

يثبت البعض وجود الرب - سبحانه وتعالى -، كما تتوهمه عقولهم وليس كما أخبرنا سبحانه عن نفسه، فالأصل الصحيح في باب الإيمان بالله أن يكون كما أخبرنا سبحانه عن نفسه، وليس كما تتوهم عقول البشر (١). ومن هذه الإثباتات الخيالية:

- أن يُجعل وجوده - عز وجل - وجوداً مطلقاً بشرط الإطلاق، وهو قول الجهمية ومن وافقهم من القرامطة، وغيرهم، فقد نفوا عن الله - عز وجل - الوجود الخارجي ولوازمه، إذ الوجود المطلق لا يكون إلا في الأذهان دون ما خرج عنها، ولازم هذا القول نفي وجود الباري - عز وجل - تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيراً-؛ لأن معنى كلامهم هذا أنه شيء خيالي لا وجود له في الخارج (٢).

ومنشأ ضلالهم: هو عدم تفريقهم بين الوجود المجرد في الذهن ووجوده في الخارج، فإن الوجود المجرد ليس بشيء في الخارج (٣).

- منهم من جعل وجود الخالق هو عين وجود المخلوقات، ولم يفرقوا بين الوجودين، وهو أبعدها، "إذ لا شيء أبعد عن مماثلة شيء، أو أن يكون إياه، أو متحداً به، أو حالاً فيه، من الخالق مع المخلوق" (٤). وعلى هذا كثير من أرباب التصوف، والزهد، والعبادة. فعطلوا الله - عز وجل - عن أن يكون رب العالمين، ولم يفرقوا بين رب، وعبد (٥). والقول بالحلول يلزم منه القول بافتقار الله إلى العالم، وهو باطل (٦)،


(١) ينظر: النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها، د. حسن الأسمري (٢/ ٨٩١).
(٢) ينظر: مدارج السالكين (٣/ ٤٤٧)، منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير عقيدة التوحيد (٢/ ٤٢٣).
(٣) ينظر: الشرك في القديم والحديث (١/ ٢٣).
(٤) ينظر: التدمرية (ص ١٠٧).
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى (٢/ ١٧١ - ١٧٢)، والجواب الصحيح (١/ ٩٧ - ٩٨)، ودرء التعارض (٦/ ١٥١ - ١٥٢)، وبيان تلبيس الجهمية (٦/ ٥٤٩ - ٥٥٠).
(٦) ينظر: بيان تلبيس الجهمية (٥/ ٤٤ - ٤٦، ٤٩).

<<  <   >  >>