للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما نجد أن المتصوفة القائلين بالغوث (١) والقطب (٢) والأوتاد (٣)، والأبدال أنها تصرفهم كما يدعون. ويلتحق بهم من يعتقدون تأثير النجوم والكواكب والأسماء والهياكل والجن (٤).

كذلك شرك القدرية (مجوس هذه الأمة) القائلين بأن كل إنسان يخلق فعل نفسه، هم في الحقيقة مشركون في الربوبية، وهذا لازم لمذهبهم؛ لأنهم يرون أن الإنسان خالقٌ لفعله، فهم أثبتوا لكل أحد من الناس خَلْقَ فعله. والخلق إنما هو مما اختص الله به، قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} الصافات: ٩٦، وأفعال العباد لا يخرجها شيء من عموم خلقه - عز وجل - (٥).

كذلك فإننا نجد أن النصارى غلوا في المسيح فقالوا: إنه رب العالمين، وخالق السموات والأرض، وإنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير (٦).

ما وقع من هذه الطوائف من تعظيم الأنبياء والصالحين تعظيم ربوبية، ومن يظن أنه من الصالحين لا شك أنه من الكفر الصريح ومن قوادح الربوبية؛ لأنه تمثيل للمخلوق بالخالق فيما هو من الكمال الذي لا يستحقه إلا الله تعالى، ووصف المخلوق به منازعة للربوبية، ومضاهاة لها، وتسوية بين الله وبين الخلق (٧).

وقد قرر شيخ الإسلام - رحمه الله - أن تنزيه الرب تعالى يرجع إلى أصلين (٨):

١ - تنزيهه عن النقص المناقض لكماله.


(١) الغوث عند الصوفية: هو القطب حين يلتجأ إليه، ولا يسمى في غير ذلك الوقت غوثاً، ينظر: اصطلاحات الصوفية (ص ١٦٧)، والتعريفات (ص ٨٧).
(٢) القطب عند الصوفية: عبارة عن رجل واحد هو موضوع نظر الله تعالى من العالم في كل زمان وهو على قلب إسرافيل عليه السلام، وحين يلتجأ إليه يسمى الغوث، ينظر: اصطلاحات الصوفية للكاشاني (ص ٤٥)، ومعجم اصطلاحات الصوفية (ص ٢١٧).
(٣) الأوتاد عند الصوفية: الرجال الأربعة على منازل الجهات الأربع من العالم، بهم يحفظ الله تلك الجهات لكونهم محال نظره تعالى، اصطلاحات الصوفية (ص ٣٣)، ومعجم مصطلحات الصوفية (ص ٢٦٤).
(٤) ينظر: الجواب الكافي (ص ١٥٦، ١٥٧)، والشرك في القديم والحديث (١/ ١٤٥ - ١٤٦).
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى (١٣/ ٢١٢ - ٢١٣).
(٦) ينظر: الرد على الجهمية والزنادقة (ص ١٢٦)، العرش للذهبي (١/ ١٢٢)، شرح الطحاوية لابن أبي العز (١/ ٢٠٠).
(٧) ينظر: مجموع الفتاوى (٦/ ١٣٧ - ١٣٩)، وجهود شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير توحيد الربوبية (٢/ ٦٨٧).
(٨) مجموع الفتاوى (١٦/ ٤٢٥ - ٤٢٦)، وينظر: مجموع الفتاوى (١٦/ ٩٧ - ٩٩، ٣٦٣)، ومنهاج السنة (٨/ ٢٩)، وشرح الأصبهانية (ص ٤٣٢ - ٤٣٣).

<<  <   >  >>