للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني الآيات الرادة على البدع المتقابلة في الإيمان بالكتب.]

[المطلب الأول: دراسة تحليلية لبعض الآيات الرادة على البدع المتقابلة المتعلقة بالإيمان بالكتب.]

إن المتأمل في كتاب الله -تبارك وتعالى-، وما جاء فيه من تقرير كون كتبه - عز وجل - منزلة منه -بما يجلي شأن الحقيقة، ويرد على البدع المتقابلة-، ليدرك فضله تعالى على عباده في بيان ما يختلفون فيه وفصل الحكم فيه، وفيما يلي بعض الآيات الرادة على البدع المتقابلة في الإيمان بالكتب المنزلة:

الآية الأولى:

قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣)} البقرة: ٢١٣. ونحو ذلك كثير من الآيات التي ذكر فيها تنزيل الكتاب من الله - عز وجل -، وهذه الآية تردُ على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:

- أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط.

"في جميع مواضع ذكر تنزيل الكتب من الله أضيف الإنزال إليه سبحانه على وجهين:

١ - إسناد الفعل إلى الله فهو فاعله.

٢ - إسناد ابتداء الفعل إلى الله فهو منه.

والتعبير بالإنزال وإسناده إلى الله يدل على أصلين في الحق يقمعان نوعين من الباطل:

الأول: أن كتب الله ليست من كلام الرسل أنشؤوه من أنفسهم، وكذا لم يتلقوه من أحد ممن حولهم من البشر. فإن النزول والإنزال لا يكون إلا من علو إلى سفل، لا يُعقل إلا كذلك، فإذا كانت كتب الله منزلة عليهم فهي أولاً: من جهة منفكة ليست من كلام أنفسهم، ثم هي من ذات في العلو ليست ممن حولهم في الأرض. وهذا يبطل قول الكفار {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)} المدثر: ٢٥، وقولهم: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} النحل: ١٠٣ الذي حكاه الله عنهم.

<<  <   >  >>