للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلق وحشرهم وحسابهم، ومجازاتهم- (١)، وجعل هذا أحد أركان الإيمان الستة المذكورة في حديث جبريل (٢)، يُبرِزُ لنا أن للإيمان باليوم الآخر أهمية عظمى، تتضح فيما يلي:

o أولاً: الحرص على طاعة الله تعالى:

الإيمان باليوم الآخر وما يشتمل عليه، "يوجه الإنسان نحو القيام بالعمل الصالح ليتزود ليوم الآخرة بالثواب والفوز، وهذا لا شك له أقوى الأثر في نفس الإنسان المؤمن، إذ يخشى الله في كل عمل يقوم به" (٣)، "فإن العلم بذلك هو الذي يؤثر في النفس فيبعثها على العمل، وأما من كان على ظن أو شك فإنه يعمل تارة ويترك أخرى لتنازع الشكوك قلبه .. " (٤).

كما أن الذي لا يعتقد بهذا اليوم وينكره فهو ينكر الحساب والعقاب ويستهينُ بالأوامر والنواهي، والمرتاب في الثواب والعقاب، والمنكر للجزاء والحساب على الأعمال يُقدِم على فعل الفواحش دون وازع أو رادع، فلا نيران تدفعه، ولا صراط يمنعه، ولا جحيم تُحجمه، ولا جنة تقدمه، فتراه منكبا على المعاصي، غارقاً في الموبقات، مسارعاً إلى ارتكاب المنهيات؛ لأن اليوم الذي سيحاسب فيه لا وجود له في ضميره (٥).

لذا فإن الإيمان بهذا اليوم يدفع صاحبه لفعل الخيرات، وترك المنكرات تجنباً للعقاب في اليوم الآخر، قال تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩)} الأعراف: ٨ - ٩.

وهكذا نجد ارتباطاً وثيقاً بين الإيمان والعمل الصالح؛ فبمقتضى الإيمان بالله، واليوم الآخر يتجه المرء نحو العمل الصالح، أملاً في نيل رضا لله تعالى، ورغبة في ثواب ذلك اليوم، ويبتعد عن معصيته خوفا من سخط الله وعقاب ذلك اليوم.

يقول الشيخ السعدي - رحمه الله -: "إن معرفة ذلك اليوم حقيقة المعرفة، يفتح للإنسان باب الخوف والرجاء، اللذين إن خلا القلب منهما، خَرب كل الخراب، وإن عُمر بهما، أوجب له الخوفُ: الانكفاف عن المعاصي، والرجاء: تيسير الطاعة وتسهيلها، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة تفاصيل


(١) ينظر: عقيدة المؤمن لأبي بكر الجزائري (ص ٢٥٧).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان الإسلام، برقم (٨).
(٣) الإيمان باليوم الآخر، د. عبد السلام التونجي (ص ١٠٧).
(٤) تفسير المنار (١/ ٢٤٣).
(٥) وينظر: موقف فرق الباطنية من اليوم الآخر، أ. د. عبدالقادر عطا (ص ٢٥٩) من العدد الثالث لمجلة الدراسات العقيدة.

<<  <   >  >>