للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: الانحراف المؤدي إلى التفريط في توحيد الأسماء والصفات.]

مذاهب المعطلة النفاة -على اختلاف درجاتهم في التعطيل- في توحيد الأسماء والصفات من حيث العموم، تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: نفي جميع الأسماء والصفات: وهذا قول الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام، سواء كانوا أصحاب فلسفة محضة، أو فلسفة باطنية صوفية، أو فلسفة باطنية رافضية، وهو قول الجهمية.

القسم الثاني: نفي الصفات دون الأسماء: وهذا قول المعتزلة، ومن وافقهم كابن حزم الظاهري، والزيدية، والرافضة، والإباضية.

القسم الثالث: إثبات الأسماء وبعض الصفات ونفي البعض الآخر: وهذا قول الكلابية والأشاعرة والماتريدية (١).

ولم يصلوا إلى هذه المرحلة من التعطيل، إلا بعد أن حرفوا كتاب الله، وألحدوا في دين الله، وقالوا على الله، وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب (٢).

ومن خلال ما سبق يمكننا الوقوف على طرق الانحراف المؤدية إلى التفريط في توحيد الأسماء والصفات، وهي:

- أولاً: إرادة تنزيه الله - عز وجل - عن مماثلة (٣) الخلق:


(١) ينظر: مقالات الإسلاميين (١/ ١٦، ٦٥)، مقالة التعطيل والجعد بن درهم، أ. د. محمد خليفة التميمي (ص ٢٤ - ٢٥).
(٢) مقدمة كتاب الرد على الجهمية والزنادقة لإمام أحمد (ص ٨٥).
(٣) اختلف أهل البدع اختلافاً شديداً في تعريف التمثيل، حتى وقعوا في أعظم التناقض، فتارة يزعمون أن التمثيل المنفي في القرآن إنما هو التمثيل في الذات، لا في الصفات، وتارة ينفون ذلك، وتارة يقولون بنقيض ذلك، وأن التمثيل في المنفي إنما هو في بعض الصفات، وأما ذاته تعالى فمماثلة لسائر الذوات، ومنهم من يقول: المماثلة المنفية هي المشاركة في أخص صفات النفس، ومنهم من يقول: في كل صفات النفس، إلى آخر تلك الأقوال التي لا زمام لها ولا خطام. فكل من نفى شيئا سمى من أثبته: مشبهاً ممثلاً، فالفلاسفة يسمون المعتزلة مشبهة، والمعتزلة يسمون الأشعرية مشبهة، والأشعرية يسمون أهل السنة بذلك، حتى صار لفظ التشبيه عند هؤلاء لفظاً مجملاً مشتركاً، ليس له ضابط يضبطه، ولا حدٌّ يبينه.
ينظر: بيان تلبيس الجهمية (١/ ٤٧٧)، ودرء التعارض (٥/ ١٨٣)، وقلب الأدلة على الطوائف المضلة في توحيد الربوبية والأسماء والصفات، لتميم القاضي (٢/ ٧١٠).

<<  <   >  >>