للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصدق والوفاء بالعهد" (١)، وقال أيضاً: الاستقامة ضد الطغيان، وهو مجاوزة الحدود في كل شيء.

ثانياً: بيان فساد معتقد أهل الباطل ووصفه والتحذير منه.

لا تجد فرقة من فرق أهل الأهواء والبدع إلا وقد خالفت أهل السنة والجماعة في أصل الوسطية العظيم، فإما أن تغلو في جانب، أو تفرط في جانب، وهذا الخلل في التوازن مطرد عند جميع أهل البدع في أبواب الاعتقاد، قل أو كثر -وسيأتي بيان جملة منه في ثنايا هذا البحث بعون الله-، فالوسطية فيها رد على من فارقها.

لذلك كله أطال القرآن الكريم في نقاش العقائد الباطلة، وبرهن على بطلانها وفسادها، وحذر منها، ليوقفنا على الدين الصحيح الذي هو الصراط المستقيم، وهذا ما نلحظه جلياً عند التأمل في آيات الكتاب من خلال القسمة الثنائية بين الحق -الذي هو الوسطية- وبين الباطل-الذي يشمل البدع المتقابلة-.

قال تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨)} الأنفال: ٨، وقال -جلا وعلا- أيضاً: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨٢)} يونس: ٨٢، وقال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨)} الأنبياء: ١٨، وقال تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١)} الإسراء: ٨١، وقال تعالى: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً} الرعد: ١٧، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٥٢)} العنكبوت: ٥٢.

ولا أريد أن أنقل أكثر الكتاب العزيز هنا ليرى كل منصف الآيات الكثيرة المصرحة والمشيرة إلى ذمهم والنهي عن ملابسة أحوالهم (٢).


(١) مدارج السالكين (٢/ ١٠٦).
(٢) ينظر: الاعتصام للشاطبي (١/ ١٠٦)، ومحاسن التأويل للقاسمي (٤/ ٤٧٤)، وتفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، محمد رشيد رضا (١١/ ١٠٦).

<<  <   >  >>