للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال العجلوني (١): "عن الأوزاعي (٢) أنه قال: ما من أمرٍ أمرَ الله به إلا عارض الشيطان فيه بخصلتين لا يبالي أيهما أصاب: الغلو أو التقصير. ولأبي يعلى (٣) بسند جيد عن وهب بن منبه (٤)، قال: إن لكل شيء طرفين ووسطاً، فإذا أمسك بأحد الطرفين مال الآخر، وإذا أمسك بالوسط اعتدل الطرفان، فعليكم بالأوساط من الأشياء .. " (٥).

[حقيقة الوسطية في الشرع]

ويراد بالوسطية شرعاً: أن يكون المكلف غير واقع في التساهل ولا الغلو.

قال الراغب (٦): التوسط: القصد المصون عن الإفراط والتفريط (٧).

وفي الجملة فالاستعمال الشرعي للوسطية لا يخرج عن معناها اللغوي؛ إذ بينهما ارتباط وثيق.

والأخذ بالوسط معناه: الأخذ بما شرع الله من غير إفراط ولا تفريط، فورد تفسير الوسط في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} البقرة: ١٤٣، بالعدل الخيار؛ وهذا هو الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (٨).


(١) هو إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي الجراحي العجلوني الدمشقي أبو الفداء محدث الشام في أيامه، ولد بعجلون سنة ١٠٨٧ هـ، له عدة مؤلفات وتوفي بدمشق سنة ١١٦٢ هـ.
ينظر: الأعلام (١/ ٢٣٥).
(٢) هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي، أبو عمرو الفقيه، ثقة جليل، مات سنة ١٥٧ هـ، قال أبو زرعة الدمشقي: "سألت أحمد عن أصحاب يحيى بن أبي كثير فقال: هشام -وذكر بعضهم- قلت له: الأوزاعي. قال: الأوزاعي إمام".
ينظر: سير أعلام النبلاء (٧/ ١٠٧)، تهذيب التهذيب (١١/ ٢٧٠).
(٣) هو محمد بن الحسين بن خلف بن الفراء أبو يعلى عالم عصره في الأصول والفروع وأنواع الفنون من أهل بغداد ارتفعت مكانته عند القادر والقائم العباسيين ولد سنة ثمانين وثلاثمائة، وتوفي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. انظر ترجمته في طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (٢/ ١٩٣ - ٢٣٠)، تاريخ بغداد (٢/ ٢٥٦)، شذرات الذهب (٣/ ٣٠٦)، الأعلام للزركلي (٦/ ٣٣١).
(٤) وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار اليماني، الصنعاني، الذماري، الأبناوي، الخراساني، أبو عبد الله، ثقة، رمى بالقدر ورجع عنه، توفي عام ١١٠ هـ.
ينظر: الثقات لأبي حاتم (٥/ ٤٨٧)، تهذيب الكمال للمزي (٣١/ ١٤٠)، تقريب التهذيب (ص ٥٨٥)، لسان الميزان (٧/ ٤٢٨).
(٥) كشف الخفاء (٢/ ٣٩١).
(٦) هو: الحسين بن محمد بن المفضل المعروف بالراغب الأصفهاني أو الأصبهاني (أبو القاسم)، اختلف في سنة مولده وسنة وفاته على أقوال عدة أقربها بالنسبة لوفاته (٥٠٢ هـ).
ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (١٨/ ١٢٠ - ١٢١)، والأعلام للزركلي (٢/ ٢٥٥).
(٧) المفردات في غريب القرآن (ص ٥٣٣).
(٨) ينظر: إغاثة اللهفان لابن القيم (١/ ١٣١).

<<  <   >  >>