للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن خلال ما سبق يمكننا الوقوف على طرق الانحراف المؤدية إلى التفريط في الإيمان باليوم الآخر، وهي:

- أولاً: عدم إثبات صفات الله - سبحانه وتعالى - أو بعضها:

وإن اعترف الكفار بوجود الخالق، إلا أنهم يكذبون بالبعث والنشور، ومن هؤلاء طائفة من اليهود يسمون بالصادقين (١)، ومن هؤلاء العرب الذين قال الله فيهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٥)} لقمان: ٢٥، فهؤلاء يزعمون أنهم يؤمنون بالله، ولكنهم يدعون: أن قدرة الله عاجزة عن إحيائهم بعد إماتتهم، ويسخرون من البعث-وهو فعل من أفعال الرب جل وعلا-، فهم إذن لم يُقّروا لله بأفعاله بل كفروا بها كما قال الله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧)} التغابن: ٧، وهم الذين ضرب الله لهم الأمثال، وساق لهم الحجج والبراهين (٢) لبيان قدرته على البعث والنشور، وأنه لا يعجزه شيء.

فعذاب القبر والبعث والنشور ونشر الصحف ووزن الأعمال والعرض والتعذيب بالنار والإنعام بالجنة، لا يؤمن بها إلا من صح توحيده بالله - عز وجل - وبصفاته؛ لأنها من أفعال الله تعالى، ويدلنا إنكارهم لها على أنهم غيرُ موحدين لله بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات.

- ثانياً: الكفر بالله:

من أعظم أسباب التكذيب باليوم الآخر الكفر، لذا فإننا نجد أن اليهود، والنصارى ينكرون الأكل، والشرب، والنكاح في الجنة، ويزعمون: أن أهل الجنة إنما يتمتعون بالأصوات المطربة، والأرواح الطيبة مع نعيم الأرواح، وهم يقرون مع ذلك بحشر الأجساد مع الأرواح ونعيمهما وعذابهما.


(١) يزعمون: أنهم لا يؤمنون إلا بتوراة موسى، وهم يكذبون بالبعث والنشور والجنة والنار.
ينظر: القيامة الكبرى، لعمر الأشقر (ص ٧٢).
(٢) ومن هذه الحجج (بداية الخلق - أن الخلق يصبح عبثاً وباطلاً إذا لم يكن بعث ولا يوم آخر {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)} المؤمنون: ١١٥. ينظر: الوسطية في ضوء القرآن الكريم للصلابي (ص ٢٩٨).

<<  <   >  >>