للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٧ - اتباع المتشابه]

لأن المبتدع تفسد طبيعته، ويترك طريق الصواب إلى طريق الضلال، فأول أثر لذلك: اتباع المتشابه، وقد نبه الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} آل عمران: ٧.

ومن أمثلة ذلك: استشهاد الخوارج على إبطال التحكيم بقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} الأنعام: ٥٧.

قد يعتضد الرأي الباطل بدليل صحيح، ويستنبط منه ما يوهم به صحته، وهنا يقرر شيخ الإسلام أن كل دليل نقلي صحيح، وعقلي صريح، إنما يدل على الحق لا على الباطل؛ يقول - رحمه الله -: "عامة ما يحتج به أهل البدع من كتاب الله -عز وجل-، ففي تلك النصوص ما يتبين أنه لا حجة لهم فيها، بل هي بعينها حجة عليهم" (١)؛ لأن "الدليل الصحيح لا يدل إلا على حق، لا على باطل" (٢).

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)) (٣)، قال الإمام النووي - رحمه الله - في شرح الحديث: " وفي هذا الحديث التحذير من مخالطة أهل الزيغ وأهل البدع، ومن يتبع المشكلات للفتنة، فأما من سأل عما أشكل عليه منها للاسترشاد وتلطف في ذلك فلا بأس عليه، وجوابه واجب، وأما الأول فلا يجاب بل يزجر ويعزر كما عزر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صبيغ بن عسل حين كان يتبع المتشابه" (٤).

ويقول أيوب السختياني: " لا أعلم أحداً من أهل الأهواء يخاصم إلا بالمتشابه" (٥).


(١) الجواب الصحيح (١/ ١٠٤ - ١٠٥).
(٢) الجواب الصحيح (٦/ ٢٨٨).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب التفسير، باب (منه آيات محكمات)، برقم (٤٥٤٧)، ومسلم في صحيحه كتاب العلم باب النهي عن اتباع متشابه القرآن برقم (٢٦٦٥).
(٤) شرح صحيح مسلم (١٦/ ٢١٨).
(٥) أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (٢/ ٥٠١).

<<  <   >  >>