للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عبيد (١) في معنى الجفاء في الحديث: "والجافي عنه التارك له، وللعمل به" (٢).

وكذلك كل شيء إذا لم يلزم شيئا يقال جفا عنه يجفو.

وقد جاء ذم الجفاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار)) (٣)، وأكثر ما يرد الجفاء لما هو محظور ومنهي عنه، كالجفاء بما يقابل الصلة والبر، والجفاء الذي هو من الشدة والغلظة، ونحو ذلك (٤).

ومما سبق يتضح أن المعنى الشرعي للجفاء: يدل على المفارقة والرد للدين مع التنقص والاحتقار وترك العمل بشيء من أركانه وواجباته.

أما مصطلح (التفريط)؛ فهو متولد من معنى الجفاء، فكل غالٍ واقع في الإفراط، وكل جافٍ واقع في التفريط، وفيما يلي معنى (التفريط) بإيجاز، حتى تتضح صلته بالجفاء:

[التفريط]

- لغة هو: الترك والتهاون والتضييع والتقصير في الأمر حتى يفوت (٥).

يقال: فرط في الأمر فرطاً: أي قصر فيه، وضيعه، حتى فات، وكذلك التفريط (٦)، ووصف بالتقصير؛ لأنه إذا قصر فيه فقد قعد به عن رتبته التي هي له (٧).

وفرط في جنب الله، ضيع ما عنده فلم يعمل، ومنه قوله تعالى: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} الزمر: ٥٦، وأمره فرُطٌ أي: متروك، وقوله تعالى: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)} الكهف: ٢٨، أي متروكاً، ترَك فيه الطاعة، وغفل عنها.


(١) هو: القاسم بن سلام بن عبد الله، المشهور بأبي عبيد، من أئمة الحديث وكبار السلف، من مؤلفاته: غريب الحديث، والإيمان، وغيرهما توفي سنة ٢٢٤ هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٤٩٠)، شذرات الذهب (٢/ ٥٤).
(٢) غريب الحديث (٣/ ٤٨٣).
(٣) أخرجه الإمام أحمد برقم (٤٥٥٤)، والترمذي أبواب البر والصلة باب ما جاء في الحياء برقم (٢٠٠٩) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة (٢/ ١٤٠٠) برقم (٤١٨٤). وصححه الألباني كما في صحيح الجامع برقم (٣٢٠٠).
(٤) ينظر: الوسطية في ضوء القرآن الكريم (ص ٥٦).
(٥) ينظر: معجم مقاييس اللغة مادة (فرط) (٤/ ٤٩٠)، لسان العرب، مادة (فرط)، الصحاح مادة (فرط) (٣/ ١١٤٨).
(٦) ينظر: الصحاح مادة (فرط) (٣/ ١١٤٨).
(٧) معجم مقاييس اللغة مادة (فرط) (٤/ ٤٩٠).

<<  <   >  >>