المأخذ الذي انطلقت منه هاتان الطائفتان هو: ظلالهم في باب الإيمان بالغيب، مما أدى بهم إلى سلوك طرفي نقيض: فمنهم من أنكر الغيب وأنكر تبعاً لذلك الملائكة؛ لأنهم من عالم غيبي، ومنهم من غلا فاعتقد أنها تعلم الغيب، فوصفها بالربوبية، وصرف لها شيئا من العبادة.
- رابعا: أثر اجتماع الرد على البدع المتقابلة في موطن واحد.
أتت هذه الآية الكريمة للدلالة على أن المذهب الحق ليس ما ذهب إليه أصحاب الغلو والجفاء، بل هو ما ذهب إليه السلف -رضوان الله عليهم-، ومن تبعهم من أهل السنة والجماعة؛ لأنهم آمنوا بما دلت عليه النصوص من أوصاف الملائكة، بلا إفراط ولا تفريط، إيماناً منهم بما أخبر به الله - عز وجل - من الغيب.
لذا جعل الله صفة الإيمان بالغيب أول صفة للمتقين المهتدين بالقرآن والسنة {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} البقرة: ٢ - ٣؛ وذلك حتى يوحد المؤمنون طريق التلقي فلا يتلقون غيباً إلا من الله، ومن أقامه للإخبار بالغيب عنه وهم رسله، وأنبياؤه فقط.