للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول دراسة تحليلية للآيات الواردة في التحذير من الغلو والجفاء.]

وفيه مطالبان:

[المطلب الأول: دراسة تحليلية لبعض الآيات الدالة على التحذير من الغلو والجفاء.]

لما كان الإسلام منهجاً ربانياً، فقد شرع سبحانه للبشرية -وهو أعلم بحدودهم وإمكانياتهم- ما يناسبهم ويوافق قدراتهم فجاء الإسلام ديناً سمحاً سهلاً، جاء بالوسطية والاعتدال، واليسر والسماحة، ورفض الغلو والجفاء بكل صورهما ومظاهرهما، وحذر من الوقوع فيهما، وسد الطرق المفضية إليهما؛ فإذا كان الدين الإسلامي بهذا الوضع، وكونه دين اعتدال وتوسط وقصد في كل شيء، عُلِم أن الغلو فيه والزيادة عليه بُعد عن مقاصده، وأن التهاون والتفريط في أحكامه ضلال عن هديه.

والحجة قائمة في كتاب الله تعالى فقد حوى شفاء دائي الغلو والجفاء، فكبح جماح الغالين ودفع تفريط المقصرين، ولا يتأتى الوصول إلى ذلك إلا بتدبر آياته وتفهمها وتعقلها، ولذلك أمر الله - عز وجل - بذلك، في قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} النساء: ٨٢، وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} محمد: ٢٤. ولو أن المسلمين رجعوا إلى كتاب ربهم وتدبروه حق تدبره لما حصل بينهم هذه المحن التي فتكت بهم والفتن التي أضرت بهم.

ومع هذا البيان الواضح إلا أنه قد انقطع أكثر الناس إلا أقل القليل في هذين الواديين: وادي التقصير، ووادي المجاوزة والتعدي. والقليل منهم جداً الثابت على الصراط الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

والحاصل أن القرآن الكريم مليء بالآيات الناهية عن الغلو ومجاوزة الحد، أو الجفاء والتقصير في الدين؛ والآيات التالية سيقت على سبيل المثال لا الحصر:

<<  <   >  >>