للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمهيد: تعريف الوسطية (١):

[حقيقة الوسطية في اللغة]

الوسطية مأخوذة من الوسط، ووسط الشيء: اسم لما بين طرفيه، والوسط في كل شيء: أعدله وأفضله وخياره، ومنه قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} البقرة: ١٤٣، أي: عدولاً خياراً، وحينئذ فهو صفة يمدح بها (٢)، وجاءت: كلمة (وسط) في اللغة لعدة معان، وهي متقاربة في مدلولها عند التأمل في حقيقتها ومآلها.

قال ابن فارس - رحمه الله -: (وسط): الواو والسين والطاء: بناء صحيح يدل على العدل والنَّصَف.

وأعدل الشيء: أوسطه، ووسطه (٣).

وكلمة (وسط) تأتي بفتح السين تارة وسكونها تارة أخرى، وفتحها هو الأكثر استعمالاً.

وقد أشارت بعض المعاجم اللغوية إلى التفريق بين كلمة وسَط - بالتحريك - ووسْط -بالسكون-، فقالوا: إن كل موضع يصلح فيه (بين الظرفية) فهو بالسكون، مثل: وسْط القوم، أي بينهم؛ وما لا يصلح فيه (بين الظرفية) فهو بالفتح، مثل: ضربت وسَط رأسه، وقيل: كل منهما يقع موضع الآخر (٤)، رجح هذا ابن الأثير.

"وكيفما تصرفت هذه اللفظة نجدها لا تخرج في معناها عن معاني: العدل والفضل والخيرية، والنَّصَف، والبينية، والتوسط بين الطرفين" (٥).

والذي يهمنا هنا هو الوسط بمعنى المتوسط بين الغالي والجافي.


(١) الكتب المؤلفة في الوسطية الأصل فيها إبراز الوسطية؛ بينما هذا الموضوع (البدع المتقابلة) الأصل فيه هو الرد، وثمرة البحث لكل منها هو الأصل عند الآخر.
(٢) ينظر: لسان العرب (١٢/ ٢٩٣)، مختار الصحاح (وس ط) (ص ٣٣٨).
(٣) ينظر: معجم مقاييس اللغة مادة: (وسط) ٦/ ١٠٨.
(٤) ينظر: مختار الصحاح مادة (وسط) (٧٢٠)، تاج العروس مادة (وسط) (٥/ ٣٤٠)، وغريب الحديث لابن الأثير (٥/ ١٨٣).
(٥) وسطية أهل السنة ص (٢١).

<<  <   >  >>