للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان الإرجاء يعذر تاركها، لهذا تم إخراج العمل النافع من العبادة نتيجة لهذا التصور المنحرف، فأصبحت العبادة في مقابل العمل الدنيوي، ولهذا سهل تقبل الأفكار الغربية المناقضة لأصول الإسلام؛ لأنها لا تعارض الإيمان فيما يعتقدون، فسياج التصديق القلبي لم يخترق-بزعمهم-! ! (١).

- انتشار مظاهر الشرك في الأمة: ويعود ذلك إلى أن المنهج الكلامي الإرجائي، اعتبر التوحيد هو مجرد اعتقاد قلبي بربوبية الله وأسمائه وأفعاله، ولا يكون الشرك إلا مقروناً باعتقاد الاستقلالية في الخلق والإيجاد بزعمهم! ، بناء على ذلك أصبح مدلول كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) أي: لا خالق إلا الله، فالإله هو القادر على الاختراع والخلق، وليس معناه المعبود عندهم، وبسبب هذا الفكر الإرجائي تحول المجتمع الإسلامي إلى إحياء المقابر، وتحويلها إلى معابد وثنية يعبد فيها غير الله تعالى، بل تطور الأمر إلى انتشار المذاهب الإلحادية كمذهب وحدة الوجود، والتصوف الفلسفي، ومذهب الرافضة، ولم يجرؤ علماء الإرجاء على اعتبار ذلك كفراً؛ لأن ذلك لا يؤثر على أصل الإيمان، بل إن غالية المرجئة هم ممن ينكرون الوعيد والعقاب في الآخرة بالكلية (٢).

- ثالثاً: الفهم المغلوط لحقيقة الإيمان:

تكاد المرجئة أن تجمع على أن العمل ليس ركناً من أركان الإيمان ولا داخلاً في مفهومه، محتجين بالتفسير اللغوي لمصطلح الإيمان -بأنه التصديق فقط-، مستدلين على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب وأن القرآن نزل بلغتهم ونحو ذلك.


(١) ينظر: حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها (ص ٣٤٢).
(٢) كما يفعله طوائف من الاتحادية والمتفلسفة والقرامطة والباطنية من الجبرية المرجئة. ينظر: حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين، د. عبد الرحيم السلمي (ص ٤٩٨) وما بعدها، الليبرالية في العالم الإسلامي (ص ٣٤٥ - ٣٤٦).

<<  <   >  >>