(٢) ظهر الإرجاء في أواخر عصر الصحابة، في الوقت الذي ظهر القول بالقدر، وبهذا ظهرت أصول الفرق الضلالة الأربع وهي: "الشيعة، والخوارج، والمرجئة، والقدرية"، وقد تزامنت نزعة الإرجاء مع مسائل الإيمان، بينما كانت نزعة القدر متزامنة مع مسائل القضاء والقدر، إلا أن هاتين النزعتين توزعتا على بعض الفرق الإسلامية، بحيث كان الغالب على المعتزلة القول بالقدر في مسائل القضاء والقدر، أما في مسائل الإيمان فغلب عليهم قول الخوارج، وإن كانوا يختلفون عنهم في بعض التفصيلات، أما الأشاعرة فغلب عليهم القول بالجبر، والذي هو على النقيض من القول بالقدر، وغلب عليهم في مسائل الإيمان القول بالإرجاء، والذي هو على النقيض من نزعة الوعيدية التي عليها الخوارج والمعتزلة.
ينظر: درء التعارض (٥/ ٢٢٤ - ٣٠٢)، ومنهاج السنة (٣/ ١٨٤)، ومجموع الفتاوى (١٣/ ٢٧). (٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وغالية المرجئة أنكرت عقاب أحد من أهل القبلة". مجموع الفتاوي (١٢/ ٢٤٢)، وقال أيضا: غالية المرجئة -يقولون -: "إن الوعيد الذي جاءت به الكتب الإلهية إنما هو تخويف للناس لتنزجر عما نهيت عنه من غير أن يكون له حقيقة، بمنزلة ما يخوف العقلاء الصبيان والبُلْهَ بما لا حقيقة له لتأديبهم، وبمنزلة مخادعة المحارب لعدوه إذا أوهمه أمرًا يخافه لينزجر عنه، أو ليتمكن هو من عدوه، وغير ذلك". مجموع الفتاوي (١٩/ ١٥٠). (٤) فالكفر عندهم هو التكذيب بالقلب فقط، لأن الإيمان عندهم مرادف للتصديق فقط. ينظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٥٤٣) وما بعدها. (٥) ينظر: التعليق المختصر على القصيد النونية، د. صالح الفوزان (٢/ ٦٣٩ - ٦٤٥).