للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبينها، وأعلاها، وأشرفها، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (٣٤)} الطور: ٣٣ - ٣٤.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: " كون القرآن معجزة ليس هو من جهة بلاغته وفصاحته فقط، أو نظمه أو أسلوبه فقط، ولا من جهة إخباره بالغيب فقط ... بل هو آية بينة معجزة من وجوه متعددة، من جهة اللفظ، ومن جهة النظم، ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى، ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الله تعالى، وأسمائه وصفاته، وملائكته، وغير ذلك، ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الغيب الماضي، وعن الغيب المستقبل، ومن جهة ما أخبر به عن المعاد، ومن جهة ما بين فيه من الدلائل اليقينية، والأقيسة العقلية، التي هي الأمثال المضروبة ... وكل ما ذكره الناس من وجوه إعجاز القرآن هو حجة في إعجازه، ولا تناقض في ذلك، بل كل قوم تنبهوا لما تنبهوا له" (١).

وقد أكثر أهل العلم ممن صنف في إعجاز القرآن من ذكر أوجه إعجازه، حتى عد السيوطي منها خمسة وثلاثين وجهاً (٢)، وما هذا البحث "الآيات الواردة في الرد على البدع المتقابلة" إلا وجه من وجوه الإعجاز القرآني في الرد على انحراف الفرق عن الحق.

ومما سبق يتضح تفرد منهج أهل السنة بالوسطية بين هذه البدع المتقابلة، فلا إفراط ولا تفريط في الإيمان بكتب الله - عز وجل - المنزلة.


(١) الجواب الصحيح (٥/ ٤٢٨ - ٤٢٩).
(٢) ينظر: معترك الأقران للسيوطي (١/ ١٤) وما بعدها، وينظر: بيان إعجاز القرآن للخطابي (ص ٢٤ - ٢٧)، وإعجاز القرآن للباقلاني (ص ٢٣)، والبرهان الكاشف عن إعجاز القرآن للزملكاني (ص ٥٣ - ٥٦).

<<  <   >  >>