للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعتقد هؤلاء أن الأديان من صنع البشر، وليست من قبل الله - عز وجل -، ولازم هذا الاعتقاد هو الكفر بالله ورسله وكتبه وبكل المغيبات وكل ما جاءت به الأديان، ويعتبرونها عوائق أمام الإنسان نحو المستقبل، من أجل ذلك اتخذوا الإلحاد مبدأ (١).

والمنكرون للخالق - عز وجل - قولهم فاسد بالضرورة، وهذا القول العلم به كافٍ وحده في معرفة بطلانه، ومع ذلك فإن شيخ الإسلام - رحمه الله - ذكر أوجهاً متعددة في بيان فساد قول القائلين بهذا الإلحاد وهي التالي:

١ - أن المنكرين للرب كفرعون وأمثاله وإن أظهروا بألسنتهم إنكار الرب - سبحانه وتعالى - إلا أنهم يقرّون بذلك في نفوسهم، فالفطرة التي في نفوسهم تردّ عليهم ما يظهرونه، وتبين فساد قولهم (٢).

٢ - وكما أنه يعلم فساد قولهم بالضرورة فإنه يعلم أيضاً بالنظر، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " وهؤلاء يعلم فسد قولهم تارة بالضرورة، وتارة بالنظر من وجوه كثيرة، فإن ما في العالم من الحوادث المشهودة التي تدل على أن محدِثها عالم قدير حكيم، وما في العالم من الحاجة والافتقار الذي يدل على أن جميعه وكلّ جزء منه محتاج مفتقر، وأن جميع ما هو فقير محتاج يفتقر إلى ما هو خارج عنه، وأن الوجود إمّا محتاج، وإما مخلوق أو غير مخلوق، ولا بد للممكن من واجب، وللمحدث من قديم، وللفقير من غني، والمخلوق من خالق غير مخلوق، فيلزم وجود الخالق الغني القديم الواجب بنفسه بالضرورة" (٣).

٣ - أن الإقرار بالرب -تبارك وتعالى- معروف عند عامّة الأمم، والكفار أكثرهم لا يجحدون وجود الرب تعالى إلا من شذ من هؤلاء الشرذمة الذين لا يعتدّ بهم، وهم قلّة قليلون لا يذكرون بالنسبة إلى من يقرّ بالرب


(١) ينظر: دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، أ. د. سعود الخلف (ص ٣٢)، الموسوعة الميسرة (٢/ ٨٠٦).
(٢) ينظر: درء التعارض (٨/ ٣٧ - ٣٩)، ومجموع الفتاوى (١٢/ ٩ - ١٠)، وشرح الأصبهانية (ص ٣١٣ - ٣١٤).
(٣) شرح الأصبهانية (ص ٣١٤).

<<  <   >  >>