للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - ويتضمن كذلك الإيمان بجميع ما جاءوا به -عليهم السلام- من الكتب والتوحيد، والمعجزات التي جعلها الله لهم علامة على صدقهم فيما يدعونه ويقولونه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من الأنبياء نبي، إلا أعطي من الآيات، ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا، أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)) (١)، وما أخبروا به مما غاب عنا، وكذلك الملائكة والكتب والأنبياء والبعث والقدر وغير ذلك من تفاصيل ما أخبروا به من صفات اليوم الآخر كالصراط والميزان والجنة والنار.

٦ - أن من أنكر رسالة رسول أو نبوة نبي واحد فقد كفر كفراً مطلقاً مخرجاً من الملة، وكأنه كفر بالجميع، لأن تكذيب واحد منهم يعتبر تكذيباً للكل (٢).

٧ - إن الإيمان بالرسل يتضمن محبة الله - عز وجل -؛ لأن محبته - عز وجل - لا تتم إلا بطاعته، ولا سبيل إلى طاعته إلا بمتابعة رُسِوله - صلى الله عليه وسلم -، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} آل عمران: ٣١، وباتباعهم ينال الإنسان سعادة الدنيا والآخرة -فمن أحبه الله أسعده-، وبمخالفتهم والعدول عن طريقهم، تتحقق الخسارة والخذلان والعياذ بالله (٣).

٨ - يتضمن الإيمان بالرسل الإيمان بالمقصد الأعظم من بعثهم وهو: تحقيق التوحيد والدعوة إليه والجهاد فيه؛ لأن تحقيق عبودية الله لا تكون إلا عن طريق إرسال


(١) رواه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثت بجوامع الكلم برقم (٧٢٧٤)، ومسلم كتاب الإيمان باب ما من الأنبياء إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، برقم (١٥٢).
(٢) كذلك بقية أركان الإيمان بالرسل، أو الإيمان باليوم الآخر، فمن أنكر شيئاً من ثوابت اليوم الآخر، حتى وإن كان جزئياً، فكأنه ما آمن باليوم الآخر، بل انتقض إيمانه بالدين كله ... هذه القاعدة قاعدة في كل أصول الدين وثوابته وقطعياته، فهي قاعدة في أركان الإيمان وأركان الإسلام، وفي أصول الغيبيات الأخرى، وفي الأحكام القطعية، أعني: أن قاعدة التسليم لابد أن تكون مطردة، وأن من اختل تسليمه في مسألة من المسائل التي تطرد في قاعدة واحدة فقد هدم دينه، فمثلاً: أول أركان الإيمان: الإيمان بالله - عز وجل -، فمن أنكر اسماً من أسماء الله، أو صفة من صفاته لا على سبيل التأويل، فإنه بذلك يكون قد وقع في الكفر، وهكذا فيما يتعلق بالإيمان بالملائكة، والإيمان بالرسل. قال الإمام ابن بطة العكبري - رحمه الله -: " الإيمان والتصديق بجميع ما جاءت به الرسل من عند الله وبجميع ما قال الله - عز وجل - فهو حقٌ لازمٌ فلو أن رجلاً آمن بجميع ما جاءت به الرسل إلا شيئاً واحداً كان برد ذلك الشيء كافراً عند جميع العلماء"
ينظر: الشرح والإبانة (ص ٢١١)، وشرح التدمرية - ناصر العقل (٢٣/ ٤، بترقيم الشاملة آليا).
(٣) ينظر: منهج ابن قدامة في تقرير عقيدة السلف، أ. د. علي الشهراني (ص ٢٩٧).

<<  <   >  >>